انتقدت "لجنة تقصي الحقائق حول الأوضاع بإقليم الحسيمة" المشكلة من طرف "الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان" ، تعامل السلطات العمومية بالحسيمة بمنطق الكيل بمكيالين مع مبادرتها و مع مبادورة سابقة شكلتها هيئات مقربة من "مناظرة طنجة". واعتبر محمد الزهاري عضو اللجنة، ان المسؤولين بالحسيمة تملصوا و وفضوا لقاء اعضاء اللجنة بمبررات واهية في حين استقبلوا اعضاء المبادرة السابقة.
وأكدت اللجنة في تقريرها الذي قدمته خلال الندوة التي عقدتها بالرباط يوم الثلاثاء 21 يونيو الجاري، بعد زياراتها الميدانية ولقاءاتها بعدد من الضحايا وعائلاتهم وبعض الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية، على وقوع العديد من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات العمومية وبعض عناصر السلطة المحلية والبلطجة بتحريض او تغاضي من السلطات. ومن جملة هذه الانتهاكات بحسب ذات المصدر، الاستعمال المفرط للعنف والاعتقالات التعسفية والتعذيب وسوء المعاملة الحاطة من الكرامة.
و كشف محمد الزهاري، عضو لجنة تقصي الحقائق حول الأوضاع بإقليم الحسيمة، أن من بين الانتهاكات التي مورست في حق معتقلي حراك الريف تجريدهم من ملابسهم كاملة بسيارات الامن.
وأكد الزهاري، أن اللجنة وقفت على عدد من المظاهر التي تؤكد وقعوع خروقات ومن بينها ما شاهدوه من آثار تعذيب للمعتقلين الذين كانوا يحاكمون بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة. كما أشار المتحدث نفسه إلى وجود جرح عميق برأس ناصر الزفزافي و ست غرز خيط طبي.
وكشف محمد طارق السباعي، عضو اللجنة ، أن الوكيل العام للملك بالحسيمة، فوجئ أثناء استقباله لجنة تقصي الحقائق في الريف، حين ابلغ بخضوع المعتقلين لاختبار الحمض النووي “ADN” ونفى أمامهم أن يكون هو من أصدر أوامره بذلك. وأكد السباعي إن اللجنة التقت الموقوفين الذين أفرج عنهم بعد التحقيق معهم، والنشطاء الذين يتابعون في حالة سراح، وكذا عائلات المعتقلين وكلهم أكدوا إخضاعهم لاختبارالحمض النووي.
واعتبر السباعي أن الاجراء ليس قانونيا، لأن ضابط الشرطة القضائية يعتمد في عمله على مسطرة الجنائية أثناء استماعه للموقوفين، وهي مسطرة لا وجود فيها للاستعانة ب “ADN”. معتبرا ذالك خرقا لسرية المعطيات الشخصية التي يعاقب عليها القانون. ولم يستبعد السباعي من أن يُستعمل الحمض النووي للموقوفين ضدهم في قضايا أخرى لا علاقة لهم بها.
وكشف تقرير الائتلاف أن مندوب وزارة الصحة قدم لهم رقما لاعلاقة له بما جاء في تصريحات وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت التي قال فيها إن عدد رجال الأمن الذين أصيبوا بجروح في الحسيمة تجاوز 200. و أن عدد رجال الأمن الذين توافدوا على مستشفيات إقليم الحسيمة لم يتجاوز عددهم 90.
توصيات عاجلة
وقدمت “لجنة تقصي الحقائق حول الأوضاع بالحسيمة”، التي شكلها الإئتلاف المغربي لحقوق الإنسان، توصياتها من خلال التقرير الذي استعرضت فيه خلاصات الزيارة الميدانية التي قام بها وفد عن الإئتلاف إلى إقليم الحسيمة للوقوف على الأوضاع الحقوقية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية هناك.
ومن بين التوصيات المستعجلة التي قدمتها اللجنة : “العمل على وضع حد للإحتقان الذي تعرفه منطقة الحسيمة، وسن تدابير وإجراءات لإطلاق سراح جميع المعتقلين، مع إلغاء جميع المتابعات التي تلاحق نشطاء الحراك والمتضامنين معهم داخل وخارج المغرب”.
كما أوصت اللجنة، بضرورة “فتح حوار مباشر مع قادة حراك الريف قصد القطع مع المقاربة الأمنية واعتماد المقاربة التشاركية لبحث وإيجاد الحلول للمشاكل والإستجابة لمطاب السكان”.
وطالبت اللجنة الحقوقية بفتح تحقيق قضائي في كل ما ورد في تقريرها، من انتهاكات في حق ساكنة اقليم الحسيمة، وترتيب كافة الاجراءات القضائية حتى لا يتكرر ذلك، مع جبر الأضرار المادية والمعنية للساكنة المتضررة.
وشدد التقرير على ضرورة إخراج الآلية المتعلقة بالوقاية من التعذيب إلى حيز الوجود مع ضمان استقلاليتها، ومراجعة القانون المنظم للحريات العامة خاصة ما يتعلق بحرية التجمع، مع التعجيل في إصدار ظهير يغي ظهير العسكرة الذي يهم منطقة الحسيمة، ومكناس وبنسليمان.
وطالب التقرير بوضع حد لهيمنة الدولة على وسائل الاعلام، وضرورة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، مع حفظ ذاكرة الريف من خلال بناء متحف لذلك، وتقديم اعتذار رسمي وعلني من الدولة لساكنة الريف عن الإنتهاكات الحقوقية في حق الساكنة”.