نشأت ميدلت سنة 1917 في الفترة الاستعمارية حول المركز العسكري الذي بني بوادي أوطاط، هذا المركز الذي أريد له أن يكون نقطة وصل بين القيادة العسكرية بمكناس ومنطقة بوذنيب البعيدة و ذلك حتى يتمكن المستعمر من إحكام قبضته على جميع أرجاء البلاد. و بالموازاة مع هذا الإجراء عجلت سلطات الحماية كذلك بوضع بنية إدارية جديدة تهتم بشؤون الأهالي بالإضافة إلى بعض التجهيزات الأولية والأساسية.
هكذا إذن شيدت ميدلت لأسباب إستراتيجية على مرتفعات ملوية العليا، قريبة أكثر إلى الأطلس الكبير قبيل الشرقي منه – إلى الأطلس المتوسط على علو 1510 متر من سطح البحر. وقد لعب هذا الموقع الجغرافي دورا مهما في صيرورتها التاريخية و لازال يؤثر بشكل جلي في جميع مجالات نموها. مناخها قاحل وجاف، جبلي من النوع القاري: بارد قارس في الشتاء وجاف كثيرا خلال الصيف، وله تأثير كبير على البيئة و الشكل العمراني للمدينة. كما تجتاحها رياح قوية تأتي من الجنوب الشرقي و من الغرب و ذلك نظرا لموضعها بممر للرياح بين الأطلس المتوسط و الكبير. كانت تعرف هذه المنطقة إداريا باسم "دائرة ميدلت"، تمتد على مساحة 6000 كلم 2 و تتكون من المراكز التالية: ايتزر، بومية، تونفيت، لقصابي، كروشن، بوعياش، ميبلادن و أحولي، والتي كانت تأوي جزءا مهما من السكان فيما كانوا الآخرون يقطنون القصور "اغرمان" و التي تغطي جل المنطقة في توزيع مجالي يطبعه التقارب فيما بينها.
أسست الحماية الفرنسية المركز الإداري لميدلت للأسباب الثلاثة الآتية:
1 . غرض إداري لضبط كل تحركات السكان القرويون و جميع أنشطتهم الاقتصادية، الاجتماعية و الثقافية.
2 . سبب استراتيجي وذلك نظرا لكون ميدلت تعتبر ممرا ضروريا نحو الجنوب الشرقي للبلاد ومن تم إلى الجزائر - عبر الطريق الوطنية 21 التي تربط بين ميدلت و قصر السوق عبر نفق زعبل الذي أنجز من طرف جيوش الفرقة الأجنبية المرابطة بميدلت. والإستراتيجية تقتضي أيضا الحرص على المصالح الاقتصادية لفرنسا المتمثلة في استغلال منجمي الرصاص بميبلادن و أحولي.
3 . و سبب سوسيو اقتصادي، كانت شركة فرنسية تسمى - " Penaroya " تستغل منجمين للرصاص )ميبلادن وأحولي( و المتواجدين على بعد 15 كلم و 20 كلم من ميدلت بواسطة أكثر من 1500 عامل. و كانت تصدره كمادة خام إلى الخارج عبر ميناء الدار البيضاء. و حتى يتسنى للشركة الاستغلال الجيد لهذه الخيرات بنت سنة 1928 بقصر فليلو إحدى أولى المحطات الكهرومائية الحي الاداري لدائرة ميدلت
4 بالمغرب، و التي كانت تزود بالماء انطلاقا من سد تطوين المشيد في سفح جبل العياشي .
وكذلك في إطار إخضاع الأهالي و الإستراتيجية العسكرية و الاقتصادية بهذه المنطقة تم ربط ميدلت بكرسيف ثم بوجدة بواسطة خط للسكة الحديدية و الذي ظل يشتغل حتى غاية عام 1935 . بالاظافة إلى ذلك كانت المدينة مجهزة بمطار صغير يستعمل من طرف الجيوش و الأطر التي تعمل بالمناجم على حد سواء.
أصبحت ميدلت عمالة منذ سنة 2009 وضم مجالها الترابي جزء كان تابعا لإقليم خنيفرة ) بلدية ميدلت و
الجماعات القروية التابعة لدائرة ميدلت( و آخرا لإقليم الراشيدية ) بلدية الريش و الجماعات القروية التابعة لدائرتي الريش و املشيل(. ومنذ ذلك التاريخ وإقليم ميدلت يعرف تقدما و تطورا منقطعي النظير، و يرجع الفضل الكبير في ذلك إلى الإدارة الترابية التي عملت كل ما في وسعها لإرجاع الرونق و الجمالية اللذان كانا يميزان المدينة في إطار مقاربة تنموية مندمجة و مستدامة.