كشف شريط سناء اليونسي "أربعون عاما من العزلة" المعروض في إطار رنامج بسينما حقوق الانسان بالرباط، عن جرح أبناء الجنود المغاربة المنسيين في أدغال ما كان يسمى بالهند الصينية. الفيلم يرصد قصص عدد من العائلات بين المغرب و الفيتنام منهم مع عاد لأرض اجداده و منهم من لعبت الأقدار لكي يبقى معلقا ببلد هوشي منغ.
قصة الفيلم تبدأفي ليلة باردة من ليالي شتاء 1972 ، حطت طائرة عسكرية قادمة من هانوي بمطار القاعدة العسكرية بالقنيطرة. على متن هذه الطائرة كان يوجد ما يزيد عن سبعين جنديا مغربيا إلى جانب زوجاتهم الفيتناميات و أطفالهم.
70محاربا عادوا إلى ديارهم بعد أكثر من 20 عاما من الغياب، و تركوا وراءهم سنوات من النضال و الكفاح، كما تركوا هناك عائلات بعض الرفاق الذين توفوا هناك واضطرت زوجاتهم و أبناءهم للبقاء على الأرض التي اختلطت فيها دماء المغاربة بدماء الفيتناميين من أجل الحرية و التخلص من الاستعمار، لتبتدئ بذلك فصول قصة طويلة للبحث عن الهوية و الذات.
كانت البداية في الأربعينات من القرن الماضي ، حين بدأت تلتحق مجموعات من الشباب المغاربة بصفوف الجيش الفرنسي ، لتامين مستقبلهم و الحصول على مورد رزق قار لهم و لذويهم، و بما أن فرنسا كانت في تلك الفترة تقود حربا استعمارية في فيتنام وجد عدد كبير من المحاربين المغاربة أنفسهم وقودا لهذه الحرب، إلا أنهم سرعان ما غيروا مواقعهم و انضموا إلى جانب قوات "فييت منه" أو ما يعرف باتحاد استقلال الفيتنام، في مواجهة قوات الجيش الفرنسي ، تضامنا منهم مع الشعوب المستعمرة و تأثرا بالشعارات التي كان يرفعا آنذاك رفاق الزعيم الشيوعي "هو تشي منه".
و بعد انتهاء الحرب ، و بداية حصول بعض دول شمال إفريقيا في على استقلالها، عاد جميع المحاربين الأفارقة إلى ديارهم، في حين بقي المغاربة هناك بسبب تخوف السلطات المغربية آنذاك من عودة تلك العناصر الثورية المتشبعة بالفكر الشيوعي إلى المغرب، فسمح لهم "هو تشي منه" بالزواج من فيتناميات و البقاء للخدمة في التعاونيات الفلاحية. إلى غاية سنة 1972 التاريخ الذي سيسمح فيه المغرب الرسمي باستقبال الجنود و عائلاتهم.
أثناء التحضير للعودة، رفضت السلطات المغربية عودة ثلاث عائلات متكونة من أرامل ثلاث جنود توفوا ما بين سنتي 1968 و 1969 و أطفالهم من جنود مغاربة بعدم توفرهم على وثائق تثبت نسبهم للجنود المغاربة . أقلعت الطائرة دون الأرامل و أبنائهن، لتكون بداية لقصة معاناة طويلة عمرها اليوم ما يزيد عن أربعين عاما بين الأمل و الحلم في الالتحاق بأرض الآباء.