بالرغم من خطاب التطمين للنخب الحداثية الذي حاول محمد السلمي، مسئول ما يسمى باللجنة الحقوقية للعدل و الإحسان، تمريره في حواره مع النسخة الفرنسية لموقع لكم حول جبهة واسعة للتغيير. إلا أن خطاب السامي احتوى كثيرا من المغالطات.
فالعدل و الإحسان التي قال أنها احتكت بحساسيات مختلفة خلال مسيرات 20 فبراير، و اقتنعت بضرورة التنسيق، لا تؤمن بالتعايش السلمي مع المخالفين لمذهبها الشمولي. و الحقيقة أن خطاب السلمي و من خلاله العدل و الإحسان ليس موجها للنخب المتنورة على حد تعبيره، لأنه يعرف جيدا موقفها من الإسلاميين . إلا أن هذا الخطاب المغلف بالاعتدال هو موجه لأصحاب القرار في الغرب و في الولايات المتحدة الأمريكية قبلة الإسلاميين في مغرب الأرض و مشارقها.
فالعدل و الإحسان و الإسلاميون عموما، لا تهمهم النخب المتنورة و الحداثية لكونهم يعتبرونهم في ظلال مبين، لن تفتأ جماهير الأتباع أن تطوعهم بالعدة و العدد و التجييش و التكبير، كما يفعلون في المسيرات و الوقفات.
العدل و الإحسان تحتقر النخب و تحتقر حتى الفرد و الفردانية التي بني عليها المواطنة و حقوق الإنسان و الديمقراطية. فهي تؤمن بالجماعة و بالمرشد و بالذوبان في جيش الأتباع و المريدين. و هي تحتقر حتى المرأة و الطفل و تعتبرهم مجرد أدوات خلال النفير العام، لذلك فهي تطوعهم من خلال التربية و المنهاج و جلسات المكاشفة، حتى تنمحي فيهم أيه نزعة نقدية للسؤال و التساؤل.
إن مبرر الخرجة الإعلامية للسلمي و تسويقه لمفهوم الجبهة الواسعة يأتي لحجب فشل الإسلاميين لاستمالة الرأي العام في دول الريع العربي الذين اكتشفوا زيف خطاباتهم. و ما يزكي هذا الطرح هو قول السلمي " أن الإسلام لا يمكنه أن يكون إلا قيمة مضافة للديمقراطية كما هي مطبقة في بعض الدول الغربية"، و هو ما يثير الغرابة و الاستغراب من نفس الوقت.