أعربت جميلة السيوري منسقة النسيج المدني للدفاع عن استقلال السلطة القضائية عن أملها في إرجاء وزير العدل والحريات تقديم مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية أمام اجتماع مجلس الحكومة الذي كان مقررا انعقاده أمس الخميس،وذلك إلى حين إجراء المزيد من النقاش والتشاور حول الموضوع ،خاصة وأن النسيج المدني قدم الصيغة النهائية للمذكرة التي أعدها وضمنها مقترحات تخص المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة.
وقالت السيوري خلال ندوة صحفية نظمها النسيج المدني صباح الخميس ،"من الصدف أن وزارة العدل والحريات قررت عرض نص مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على أنظار الحكومة تزامنا مع تقديم النسيج المدني للدفاع عن استقلال السلطة القضائية للصيغة النهائية لمذكرته بشأن الموضوع "، وهي المذكرة التي كانت نتاج لقاءات تشاورية ومناظرة وطنية نظمت أوساط شهر ماي الماضي بالرباط بدعم من مؤسسة فريديتش إيبرت الأمانية بتعاون مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأرومتوسطية لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للحقوقيين وبمشاركة وزارة العدل والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأبرزت مستطردة"نتمنى أن يتم تأجيل عرض المشروع على مجلس الحكومة إلى حين إجراء المزيد من المشاورات بين مكونات النسيج الذي يضم فضلا عن جمعية عدالة عددا من الهيئات العاملة في الحقل القضائي بما فيها نادي قضاة المغرب والودادية الحسنية للقضاة" التي فوجئ النسيج بعدم حضورها لهذا اللقاء حسب ما أفادت به السيوري"،كما يضم النسيج جمعية هيئات المحامين بالمغرب ومرصد العدالة بالمغرب والمرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية والنقابة الديمقراطية للعدل ونادي المنتدبين القضائيين والنقابة الوطنية للعدول".
و سطر النسيج المدني برنامجا لمتابعة توصيات المذكرة ، منها لقاءات مع الفرق البرلمانية بالغرفتين و رئيسي لجنة التشريع بالغرفتين و المجلس الوطني لحقوق الإنسان و الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة.
و يرتكز نص المذكرة التي أعدها النسيج ، على أن هناك خمس مداخل أساسية لإصلاح منظومة القضاء يأتي على رأسها ضرورة إلغاء الإشراف الإداري لوزارة العدل على المحاكم والمسؤولين القضائيين ، أي الفصل المطلق ما بين السياسي والقضائي،والتنصيص على استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل.
هذا مع جعل العلاقة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية تعتمد أساسا مبدأ الاستقلالية بجعل آلية التنسيق بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل يقتصر على المسائل الإدارية فحسب تماشيا وانسجاما مع التوصية رقم 31 من ميثاق إصلاح منظومة العدالة، مشيرا في هذا الصدد ما تضمنته المذكرة جميع الصلاحيات التي كانت لوزير العدل تنقل بموجب قوانين خاصة إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وكذا وكيل العام للملك كل فيما يخصه.
واقترحت المذكرة ضرورة التنصيص على تمتع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، وإقرار مسؤولية هذا المجلس تحت إشراف رئيسه على عملية انتخابات المجلس الأعلى للقضاء منذ بدايتها إلى نهايتها، و إعمال مقاربة النوع بضمان تمثيلية منصفة للنساء القاضيات عند تنظيم كيفية انتخاب ممثلي القضاة استجابة للمقتضيات الدستورية، وضمان انفتاح المجلس على الجمعيات المهنية القضائية، من خلال السماح لممثلي الجمعيات بحضور اجتماعاته كملاحظين ،وتنظيم الآثار القانونية لصفة الجمعية كمخاطب مع ضمان صفتهم الاستشارية.
ومن بين النقط التي كانت وماتزال تثير الكثير من الجدل والانتقاد من طرف أغلب القضاة، تلك المتعلقة بالعقوبات التأديبية، حيث تم اقتراح عدم نشر العقوبات التأديبية إلا بعد أن تصير نهائية بانتهاء مسطرة الطعن، كما تم اقتراح التنصيص على حذف أي مقتضى لتمديد سن التقاعد وإلغاء إمكانية التكليف لضمان حكامة المرفق القضائي، وكذا اعتماد التنصيص على ضمان سهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية فعليا على استقلال القضاة في مختلف مراحل مسارهم المهني ولاسيما من حيث تنصيبهم ونقلهم وترقيتهم وتقاعدهم مع مراعاة الضمانات الدستورية التي حملها دستور 2011 للقضاة.
هذا فضلا عن إحداث هيئة للتفتيش تتكون من قضاة منتخبين تتوفر فيهم شروط التجرد والمهنية والكفاءة والتجربة والتخصص،على رأسها مفتش عام يعينه المجلس، ويقوم بمهامه لمدة محددة غير قالبة للتجديد إسوة بالأعضاء المنتخبين والأمين العام للمجلس لما في ضمان ودعم استقلالية القضاء، و توسيع حصانة النقل من خلال النص على مبدأ تخصص القضاة بالمحاكم المتخصصة وعدم جواز نقلهم لمحاكم عادية إلا بطلب منهم.
كما تضمنت المذكرة باضطلاع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بإعداد تقارير دورية وإبداء آراء مفصلة حول سير العدالة بالمملكة واقتراح التوصيات التي يراها مناسبة ، وعلى جميع الإدارات والهيئات المختصة تمكينه من المعلومات التي تساعده في إنجاز التقارير المذكورة ،مع تفعيل مبدأ التشاركية مع المجتمع المدني،هذا مع اضطلاعه بمهمة إشراف المجلس على المعهد العالي للقضاء والإدارة القضائية للمحاكم.
كما اقترح النسيج تولي المجلس مهمة وظيفة وضع مدونة أخلاقيات تكون بمثابة الإطار المرجعي والسلوكي لتدعيم الأخلاقيات بالنسبة لأعضاء السلطة القضائية ووضع قواعد معيارية مؤطرة للشأن، المهني تكفل ضبط القيم القضائية، وتدقيق مسطرة تأديب القضاة مع جعل مجال التأديب من الاختصاصات الحصرية للمجلس الأعلى للقضاة.
أما بخصوص المقترحات التي تضمنتها المذكرة والخاصة بالنظام الأساسي للقضاة، والتي غلب عليها التدقيق فيما يتعلق بموضوع التأديب الذي قد يطال القاضي،فقد نبهت المذكرة إلى تفادي تكرار المقتضيات القانونية وتنظيم بعض المجالات التي يجب تنظيمها في مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية،ودعا من جانب آخر أن يتم إعادة النظر في المقتضيات المتعلقة بضوابط حق تأسيس الجمعيات المهنية والعمل الجمعوي كما جاءت في مسودة المشروع التي أعدتها الوزارة.
ودعا النسيج إلى رفع القيود على الأنشطة العلمية للقضاة والمشاركة في الندوات والملتقيات العلمية وعدم وضع قيود عامة في نص القانون الأساسي للقضاة ، والتي تكون تحتمل قراءات متعددة، وذلك بالعمل على تحديد حالات عدم المشاركة بشكل واضح وحصري.
و فيما يخص موضوع التعيين ،اقترح النسيج أن يصبح تعيين جميع القضاة بمن فيهم المسؤولين القضائيين ، من مهام المجلس الأعلى للسلطة القضائية على أن يوافق الملك على ذلك بظهير انسجاما مع أحكام الفصل 57 من الدستور الذي ينص على أنه يوافق الملك بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وتضمنت المذكرة توصية بالتنصيص على إحداث نظام محفز كأحد ضمانات الاستقلال الفعلي والحقيقي للسلطة القضائية، وحصر نقل القضاة في حالة تقديم طلب بذلك بعد الإعلان عن المحاكم المعنية بالشغور، والتنصيص على كيفية تطبيق قواعد التسلسل الرئاسي للنيابة العامة، هذا مع اعتماد نظام لتقييم القضاة يضمن استقلاليتهم في إطار من الموضوعية والشفافية، مع اعتماد المؤهلات العلمية والكفاءات المكتسبة ضمن تقارير التقييم، وتبسيط مسطرة رد الاعتبار بالنسبة للقاضي الذي صدرت في حقه مقررات تأديبية.
كما تم اقتراح التنصيص على ضرورة تنظيم الجمعيات العامة للمحاكم، وسلطة هيئة التفتيش المركزي والرئاسي في القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة،والنص على أن الترقية تكون من درجة إلى درجة بصفة مستمرة وأوتوماتيكية ،ودون اعتبار للحصيص العددي والمالي ، على أن تحتسب الترقية من تاريخ التسجيل بلائحة الأهلية ،فضلا عن التنصيص على عدم وقف الأجر خلال مدة التوقيف المؤقت عن العمل.
ومن بين التوصيات التي يطالب عدد من الفئات إقرارها تلك التي تخص إحداث مجلس إداري يتكون من المسؤول القضائي والمسير القضائي، وإحداث مخاطب وحيد لكتابة الضبط في شخص المسير الإداري تجنبا لازدواجية المخاطب الذي عليه الحال الآن في جميع المحاكم، حيث ينقسم فيها عمل الإدارة القضائية إلى كتابة ضبط وكتابة النيابة العامة.