وافق مجلس الحكومة الخميس على ثلاث مشاريع قوانين تنظيمية، تقدم بها وزير الداخلية، في إطار تنزيل أحكام الدستور المتعلقة بالجهوية المتقدمة، مع إدراج الملاحظات المقدمة، ويتعلق الأمر بمشروع قانون تنظيمي رقم 14-111 يتعلق بالجهات، ومشروع قانون تنظيمي رقم 14-112 يتعلق بالعمالات والأقاليم، ومشروع قانون تنظيمي رقم 14-113 يتعلق بالجماعات.
وهي مشاريع انطلقت من أحكام الفصل 146 من الدستور وكذا التوجيهات الملكية الرامية إلى إرساء جهوية متقدمة، والانطلاق من خلاصات اللجنة الاستشارية للجهوية، وذلك وفق أهداف محددة تتمثل في تعميق الديمقراطية المحلية، وتوسيع دور الجماعات الترابية في تحقيق التنمية، وتطوير آليات لتوسيع المشاركة في الشأن المحلي، وتحقيق النجاعة في التدبير المحلي، وتنزيل مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الدستور، مما يجعل من مشاريع القوانين التنظيمية الثلاث بمثابة هندسة ترابية جديدة تقوم على جعل الجهة تحتل موقعا جوهريا وأساسيا في البناء المؤسساتي للبلاد، وجعل الميثاق الجماعي الحالي منسجما مع أحكام الدستور، ثم الارتقاء بوضع العمالات والأقاليم بفصلها عن مصالح الإدارة الترابية التابعة للدولة وتمكينها من اختصاصات في مجالات التنمية والنجاعة.
وقد استند إعداد هذه المشاريع الثلاث على مقاربة تشاركية انطلقت في يونيو 2014 واستمرت إلى غاية شهر يناير 2015، وتميزت في البدء بعرض المسودات الأولى على الأحزاب السياسية وعقد لقاءات تشاورية، واستقبال ملاحظات ومذكرات الأحزاب السياسية، ثم تحضير مشاريع منقحة على ضوء ذلك، والدخول في نقاش جديد مع الأحزاب السياسية في نونبر ودجنبر الماضيين حول هذا الأمر ليتم في يناير إعداد الصيغ النهائية لهذه المشاريع.
وتتضمن هذه المشاريع الثلاث عدة مستجدات على عدة مستويات، أبرزها اعتماد التصويت العلني كقاعدة لانتخاب أجهزة المجالس الجهوية ومجالس العمالات والأقاليم والجهات، وكذا لاتخاذ قرارات ومقررات هذه المجالس، وتكريس مبدأ التدبير الحر في التسيير الذي يخول بمقتضاه لهذه الجماعات الترابية، في حدود اختصاصاتها، سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، بالإضافة إلى تشجيع حضور ومساهمة النساء. كما تمكن هذه المشاريع الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات من اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة، مع اعتماد مبدأي التدرج والتمايز لبلورة الاختصاصات المشتركة والمنقولة واعتماد التعاقد كقاعدة لممارستها. كما تنص هذه المشاريع على أن للقضاء وحده اختصاص عزل رؤساء مجالس الجهات ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم ورؤساء مجالس وأعضاء هذه المجالس وكذا إلغاء مقررات هذه مجالس أو حلها. كما ربطت هذه المشاريع المراقبة الإدارية بالجوانب المتعلقة بمشروعية القرارات والمقررات، بالإضافة إلى اعتماد قاعدة المراقبة البعدية. كما تنص هذه المشاريع على تمكين المجالس من آليات الاشتغال ومن ذلك إحداث وكالة جهوية لتنفيذ المشاريع، والإمكانية بالنسبة للجماعات الترابية أن تحدث شركات للتنمية، والإمكانية بالنسبة للجماعات في المدن الكبرى أن تحدث وكالة الجماعة لتنفيذ المشاريع، كما جرى التنصيص بوضوح على الموارد المالية للجماعات الترابية لتمكين مجالس الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات من الموارد اللازمة. كما نصت المشاريع الثلاث على أن رئيس المجلس هو الآمر بالصرف لميزانية الجهة والعمالة أو الإقليم والجماعة، وعلى أنه يتم تبويب الميزانية وفق برامج ومشاريع وذلك على أساس ثلاث سنوات، ونصت على تفعيل كل من صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات الذي يهدف إلى تقليص التفاوتات بين الجهات، مع إقرار قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر لشؤون الجهة ومراقبة تدبير الصناديق والبرامج وتقييم الأعمال وإجراءات المحاسبة