اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن تجريم الإجهاض في القانون الجنائي المغربي يعد من الفصول الأشد إيلاما للمرأة والأكثر إضرارا بها؛ إذ أنه ساهم في تغذية كل العوامل المفضية إلى ارتفاع ممارسة الإجهاض السري خارج الإشراف الطبي، في شروط محفوفة بالمخاطر المهددة لصحة وحياة المرأة، مما يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق المرأة المتعلقة بالصحة والرعاية والسلامة البدنية والنفسية؛
كما اعتبرت أن تجريم الإجهاض هو انتهاك لحرمة جسد المرأة، الذي هو ملك لها وحدها ولها حق التصرف فيه، وقبول أو رفض الأمومة، وفي غير ذلك فهو يمثل شكلا من أشكال العنف ضد المرأة؛
و قالت الجمعية أن الاستمرار في حظر الإجهاض، بتجريم المرأة التي أجهضت وتجريم الممارسين له ولو كانوا أطباء مختصين، لن يؤدي إلا إلى ارتفاع عدد حالات الإجهاض السري بكل المخاطر التي تمثلها على الوضع الصحي للمرأة؛ كما سيرفع من جانب آخر من عدد الرضع والأطفال المتخلى عنهم؛ حيث سجلت بعض الإحصائيات أن حوالي 24 رضيعا يتم التخلي عنهم يوميا؛ فيما بلغت حالات الإجهاض رقما li مهولا يتراوح بين 500 و800 حالة يوميا، حسب الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري، وقد أوردت منظمة الصحة العالمية أن 13 % من مجموع حالات وفيات الأمومة، المسجلة بالمغرب، تكون نتيجة عمليات الإجهاض غير الآمن، الأمر الذي يجعل من تجريم الإجهاض وما يترتب عنه من مضاعفات مشكل صحة عمومية.
و اعتبارا لما تنص عليه اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من "ضرورة اتخاذ الدول الأطراف لجميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية، من أجل أن تضمن لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، الحصول على خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة"، وأن وللتدابير التي تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق في أن تقرر، بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة لتمكينها من ممارسة هذه الحقوق"؛ لما نص عليه منهاج بجين 95 من أن قرار المرأة في حملها يشكل أساسا جوهريا للتمتع بكافة الحقوق الأخرى، وتأكيده على حقها في التمتع بأعلى مستوى من الصحة في المجال الجنسي والإنجابي؛
. واستحضارا لتجارب بعض الدول التي لا تجرم قوانينها الإجهاض كما هو الشأن بالنسبة لتونس، أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مطلبها، المتضمن في الفقرة 26 من لائحة مطالبها الأساسية في مجال حقوق المرأة، المتعلق" بإقرار الحق في ألإجهاض وجعله تحت إشراف طبي، في جميع الحالات التي يشكل فيها الحمل خطرا على الصحة الجسدية أو النفسية للمرأة، وفي الحالات التي تشكل فيها الولادة تهديدا لصحة المرأة أو الرضيع، بما فيها حالات عدم الاستعداد الجسدي أو النفسي والمادي للإنجاب، وفي حالة الحمل غير المرغوب فيه "؛
و اعتبرت الجمعية أن الإجهاض الطبي والآمن، ينبغي أن يكون جزءا لا يتجزأ من الخدمات الصحية، ويجب أن ترفع كل العقبات التي تحول دون وصول النساء لهذه الخدمة، احتراما لحقوقهن الإنسانية؛ والتي تشمل الحق في الحياة، والحق في التمتع بأفضل صحة ممكنة، وفي التمتع بفوائد التقدم العلمي، والحق في التثقيف والحصول على المعلومات؛
كما طالبت بتغيير جذري وشامل للقانون الجنائي، وملاءمته مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بما يرفع التمييز ضد المرأة ويضمن كرامتها الإنسانية، وبمراجعة شاملة للمقررات والبرامج التعليمية، وللمادة الإعلامية في اتجاه إدماجها للتربية الجنسية، ولثقافة المساواة ونبذ التمييز والعنف ضد المرأة