اعتبر احمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ان هناك مؤشرات سلبية للعودة القوية للتحكم و التسلط بالمغرب و اعتماد المقاربة المخزنية. و اعتبر الهايج خلال تقديم التقرير السنوي للجمعية صباح الثلاثاء بالرباط، ان الدولة استغلت مناخ انتكاسة الربيع العربي و عودة الاستبداد في المنطقة و الصراعات و تنامي الإرهاب الاعمى ، لكبح جماح الحقوق و الحريات ، في وقت أصبح فيه المجتمع المدني رغم مجهوداته غير قادر على المقاومة.
و اعتبر التقرير السنوي للجمعية أن أهم ما ميز ويميز الواقع الراهن لحقوق الإنسان بالمغرب، هو التراجع الخطير في مجال الحريات والحقوق الأساسية، الذي جاءت تقارير منظمة العفو الدولية، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، وتقارير الهيئات الوطنية من منظمات وائتلافات غير حكومية لحقوق الإنسان، لتؤكد من خلال رصد مظاهره على طبيعة السلوك القمعي الذي تنتهجه الدولة المغربية في التعاطي مع الحقوق المتعلقة بحرية التعبير والصحافة والتجمع والتنظيم والتظاهر السلمي، واستعمال الفضاءات العمومية والخاصة لتنظيم أنشطة حقوقية أو نقابية أو سياسية، في خرق سافر للقانون المغربي، وللقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ هذا بالإضافة للتقرير الذي تقدم به رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة رسمية أمام البرلمان، الذي وقف فيه على العديد من الانتهاكات، وأساسا منها إفراط القوات العمومية في استعمال القوة اتجاه المتظاهرين التي أدت إلى حالتي وفاة، وما إلى غيرها من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان؛ وهو ما يشكل إجهازا على المكاسب الجزئية، التي راكمتها الحركة الحقوقية والديمقراطية المغربية على امتداد العقود الماضية، يضع الدولة في تناقض أمام التزاماتها الدولية، بموجب الاتفاقيات والبرتوكولات المصادق عليها، وبمقتضى شغل المغرب لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
و لم يخل التقرير من نقد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان اعتبر التقرير أن الاخير يتسم بعدم استجابته الكاملة، من الناحية التنظيمية، لمبادئ باريس، و لم يستثمر بعد كل الصلاحيات المخولة له، لمتابعة ورصد الانتهاكات الجارية، الماسة بالحقوق المدنية والسياسية وبحقوق الفئات، ولم يقف الموقف الحازم، كما يوجب عليه وضعه ذلك، لاسيما في مواجهة الاعتداءات والتضييقات التي تطال الحركة الحقوقية والمحاكمات المطبوخة، التي ما انفك يتعرض لها المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان، بل وما لوحظ عليه أحيانا من انزياح عن الحيدة وتماهٍ مع خطاب الدولة؛ وبالرغم من هذا، فإن ما قام به من خطوات في إطار إصدار التقارير الموضوعاتية، والتقرير المقدم أمام أعضاء البرلمان، الذي أقر بوجود تجاوزات وانتهاكات لحقوق الانسان وصلت حد المس بالحق في الحياة بآسا وآسفي، ليعتبر أمرا ايجابيا، وينبغي أن يعزز بتفعيل التوصيات المرفقة بهذه التقارير، من أجل النهوض بالإطار القانوني والمؤسساتي والتدبيري لحقوق الإنسان بالمغرب.
نفس التقد نالته المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان التي بقيت حسب التقرير حبيسة تنسيق مشاركة المغرب في التظاهرات والملتقيات والاجتماعات الإقليمية أو الدولية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني وإنجاز التقارير الحكومية الأممية، مع سعي ملحوظ إلى حجب واقع انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب؛ وهو ما يفسر الإقصاء المستمر للجمعية من حضور المنتديات الدولية والآليات الأممية وضمنها مجلس حقوق الإنسان.
التقرير السنوي للجمعية، حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تابعتها على مستوى مكتبها المركزي وفروعها المحلية خلال سنة 2014، أعدته الجمعية بناء على ما استجمعته من قضايا ومعلومات بالرصد المباشر للانتهاكات من طرف فروعها في مختلف المدن والمناطق (93 فرعا، ولجنتان تحضيريتان لتأسيس فروع جديدة، و10 فروع جهوية، إضافة إلى أربعة فروع بالخارج)، أو من خلال ما تنشره وسائل الإعلام بصفة عامة، وكذلك من خلال التقارير الوطنية والدولية الرسمية وغير الرسمية وعدد من نتائج وخلاصات الندوات الدراسية. كما أن هذا التقرير يتضمن وضعية مختلف أصناف الحقوق التي واكبتها الجمعية خلال سنة 2014، حسب مجموعة من المجالات، وهو لا يدعي حسب معديه تغطية كافة الانتهاكات الممارسة ضدها، بوصفها حقوقا للإنسان، إلا أنها كافية لرسم صورة عامة لسلوك الدولة في هذا المجال، ومدى احترامها للحقوق والحريات التي التزمت بها وطنيا ودوليا.