يطمح المغرب إلى احتلال صدارة الدول الساعية إلى تحقيق أمنها الطاقي، من خلال إنجاز المخطط المغربي للطاقة الشمسية، القائم أساسا، على إنشاء خمس محطات للطاقة الشمسية المركزة بكل من ورزازات، عين بني مطهر، فم الواد، بوجدور ثم سبخت الطاح، بتكلفة مالية تصل إلى 9 ملايير دولار أمريكي، على مساحة تبلغ 3000 هكتار، مما سيمكن المغرب من إنتاج حوالي 2000 ميغاواط من الكهرباء، بحلول 2020.
وحسب الدراسات الرسمية، بالمغرب، من المرتقب أن يمكن هذا المشروع ، من الوصول إلى طاقة إنتاجية من الكهرباء تناهز 4500 جيغاواط / ساعة سنويا، أي ما يعادل 18 بالمائة من الإنتاج الوطني الحالي.
وترتكز أهداف، المشروع المغربي للطاقة الشمسية، على تعزيز تأمين إمدادات الطاقة من خلال تنويع المصادر والموارد، وتحسين المحصلة الطاقية، وتعميم الولوج إلى الطاقة، وتوفير الطاقة الحديثة لجميع شرائح المجتمع وبأسعار تنافسية، ودعم تعزيز القدرة التنافسية للقطاعات المنتجة في البلاد.
وإلى ذلك، يروم، إلى المحافظة على البيئة من خلال استخدام تكنولوجيات الطاقة النظيفة للحد من انبعاث الغازات الدفيئة ومن ارتفاع الضغط على الغطاء الغابوي، وتعزيز الاندماج الإقليمي عبر الانفتاح على الأسواق الأورو- متوسطية للطاقة وملاءمة التشريعات والقوانين في مجال الطاقة.
ودخل المخطط المغربي للطاقة الشمسية عمليا بإطلاق محطة الطاقة الشمسية "نور1" الممتدة على مساحة 450 هكتار (4,5 مليون متر مربع)، والتي تشمل نصف مليون من الألواح المقوسة العاكسة، لإنتاج نحو 160 ميغاواط من الكهرباء، بتكلفة إجمالية بلغت 600 مليون أورو، ضمن نادي أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية بالعالم، ويكون بذلك، حاليا، سابع أكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي تتوفر على 5 محطات للطاقة الشمسية وإسبانيا.
وستمكن محطة "نور1" المغرب من تفادي المصادر التقليدية للطاقة، وبذلك القضاء على الحاجة لاستهلاك مليون برميل من النفط سنويا، وبالتالي تجنب التأثير السلبي لانبعاث مكافئ ثاني أكسيد الكربون بما يقارب 470,000 طن سنوياً والذي يتطلب زراعة ما يقارب المليون شجرة لامتصاص الانبعاثات الكربونية والمحافظة على معدلها الطبيعي في البيئة.
البكوري: نور 1 أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة ذات المولد الأحادي في العالم
وأكد رئيس مجلس إدارة الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن) مصطفى البكوري، أن محطة "نور 1" بمركب نور ورزازات للطاقة الشمسية، تعد محطة الطاقة الشمسية المركزة ذات المولد الأحادي الأكبر في العالم، بطاقة إنتاجية تبلغ 160 ميغاواط وبطاقة تخزين تبلغ 3 ساعات.
وأضاف البكوري في كلمة بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الخميس بمدينة ورزازات، بمناسبة إعطاء الانطلاقة الرسمية للشروع في استغلال هذه المحطة، أن "نور1"، ستسمح بإمداد عشرات الآلاف من مستعملي الكهرباء لأغراض منزلية أو إنتاجية، بفضل قدرتها على تغذية الشبكة الوطنية للكهرباء، بما في ذلك في فترات أفول الشمس.
وشدد على أن نجاح هذا المشروع الوازن هو شهادة عن تعاون نموذجي والتزام حازم وتعبئة تامة لمختلف المتدخلين والفاعلين في سلسلة الخبرة الطاقية التي اشتغلت على هذا المشروع .
وقال إن هذا المشروع، هو جزء من الاستراتيجية الطاقية الوطنية التي يتم تفعليها "عملا بالتوجيهات السامية لجلالة الملك، الداعية إلى الإعمال الإرادي والحازم لاستراتيجية ناجعة للطاقة المتجددة، النابعة من صلب النظر المولوي السديد بضرورة إدراج المملكة المغربية ضمن دينامية راسخة للتنمية المستدامة في تفاعل تام مع التنمية البشرية على نحو يجعلها نموذجا متميزا على الصعيد العالمي".
وأوضح أن هذا المشروع يأتي أيضا تنفيذا للتعليمات الملكية السامية بإعطاء نفس أعلى وأكثر جودة لحكامة قطاع الطاقات المتجددة عبر الرفع من طموح المغرب لتجاوز سقف 50 بالمائة في أفق 2030 .
وتجسيدا لهذه الرؤية على أرض الواقع، يقول السيد البكوري، يأتي إعطاء انطلاقة العمل للشروع في استغلال محطة "نور ورززات 1" باعتبارها تمثل المشروع الوازن المندمج لمركب الطاقة الشمسية "نور" الذي تفضل جلالة الملك فأعطى انطلاقة أشغاله في يناير من سنة 2013 .
وبخصوص ورش "نور ورزازات 2 "، سجل السيد البكوري أنه ستستخدم فيه نفس التقنية الطاقية المنتهجة في "نور 1" القائمة على المرايا المركزة مع الرفع من القدرة الاجمالية لتبلغ 200 ميغاواط ومدة تخزين تقارب 8 ساعات بعد غروب الشمس.
أما بالنسبة ل "نور 3" فأكد أنه ورش سيعتمد تكنولوجيا البرج الشمسي بعلو يصل إلى 143 مترا وبطاقة تبلغ 150 ميغاوات وقدرة تخزين تتجاوز 8 ساعات بعد غروب الشمس.
وقال إن هذه التكنولوجيا المتميزة بنجاعة أكبر، تعتبر واعدة وستجعل من المغرب بالتأكيد بلدا طبيعيا في مجال تكنولوجيا الطاقة.
وشدد على أن هذين المشروعين، سيكونان أكثر اقتصادا في استهلاك الماء بما أنهما سيوظفان تقنية التبريد الجافة، مما سيمكن من حصر الحاجيات من استهلاك المركب للماء في حدود مليوني متر مكعب، أي اقل من 1 بالمائة فقط من القدرة الاجمالية لسد المنصور الذهبي عوض 6 ملايين متر مكعب التي كانت مرصودة من قبل وكالة الحوض المائي إبان الدراسات الأولية.
وسجل أن هذه المشاريع الثلاثة، ستعزز بمحطة رابعة تعتمد الألواح الضوئية، ستجعل من "نور ورزازات" أكبر مركب لإنتاج الطاقة الشمسية متعددة التقنيات على الصعيد العالمي، يمتد على 3 آلاف هكتار بطاقة إجمالية تناهز 580 ميغاوات وباستثمار إجمالي يفوق 24 مليار درهم.
وذكر البكوري أنه منذ إطلاق استراتيجية الطاقة الشمسية سنة 2009، تم الحرص على التطبيق السليم لهذه الاستراتيجية بتحقيق خمسة أهداف ذات أولوية لخصها في إقامة مركبات للطاقة الشمسية تأوي محطات من العيار العالمي، ونهج هيكلة ناجعة وتعبئة مالية مبتكرة وهي مقاربة أتاحت الاستفادة من الدعم غير المشروط للمانحين الدوليين كما مكنت بفضل الدعم الموصول للدولة من الحصول على تمويلات فاقت 22 مليار درهم عبارة عن قروض بشروط جد مسيرة ومنح من قبل اللجنة الاوروبية والحكومة الالمانية، وإطلاق دينامية واعدة في التصنيع والخدمات والانتاج والبحث المرتبط بالتنمية والابتكار، وجعل المشاريع رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق التي تحتضنها من خلال العمل بتعاون مع الشركاء نحو إرساء آلية للتضامن متعددة الأبعاد ومستدامة في خدمة الرفاه والعيش الكريم، وأخيرا ترسيخ مقومات نموذج مبتكر يتيح للمغرب التموقع كنموذج يحتذى، وهو النجاح الذي نال اعترافا دوليا.
وسجل أن "هناك رهانات جديدة تندرج ضمن طموح واعد يفرض علينا أن نكون في حجم الخيارات التي عبر عنها جلالة الملك في مؤتمر باريس حول المناخ في دجنبر الفارط ، ولاسيما الإسهام في الرفع من حجم استعمال الطاقات المتجددة من 42 بالمائة سنة 2020 إلى 52 بالمائة سنة 2030" .
ويتعلق الرهان الأول بحسب السيد البكوري، بالإرساء التدريجي، بناء على مقاربة استباقية واستشرافية، لمواقع جديدة من جهات مختلفة من المملكة، فعلاوة على "نور ورزازات"، هناك مشاريع "نور العيون" و "نور بوجدور" بطاقة إجمالية تناهز 12 ميغاوات و"نور ميدلت"، وهو مشروع وازن وأكثر اتساعا مقارنة مع "نور ورزازات"، حيث سيحفز على إنتاجية اكثر، وأخيرا مركب نور طاطا الذي سيحدث ابتداء من السنة الموالية.
ويتمثل الرهان الثاني في التفعيل الناجع للأوراش المتعلقة بمختلف أنواع الطاقات المتجددة، سواء منها الريحية أو الشمسية أو الكهرمائية، في ما يتمثل الرهان الثالث في تعزيز حضور المغرب عالميا، وذلك بالإسهام الفاعل في إنجاح مؤتمر مراكش حول المناخ في نونبر 2016، وبالتالي ترسيخ التموقع الجيو استراتيجي للمغرب على نحو يتيح له القيام بدور نوعي وبناء في التعاون.
وشدد على أهمية تجسيد الطموح المتقاسم في جعل المغرب قطبا إشعاعيا للطاقات المتجددة، يمثل صلة وصل بين الضفتين، وهو الخيار الذي يحظى بتجاوب جيران المملكة وشركائها ويستدعي القيام على الخصوص بترسيخ اندماج جنوب شمال بهدف تبادل الكهرباء بشروط تفضيلية بالنسبة للأطراف الشريكة، وإتاحة تعامل عادل ومتوازن مع إشكاليات المناخ والطاقة والاقتصاد، وتقوية اندماج جنوب-جنوب على أساس تنمية مشتركة يكون هدفها الرفع من معدل الولوج إلى الكهرباء والاستخدام الأمثل للموارد المحلية.
وخلص إلى أن "الأمل الذي يحذونا يتمثل في الإسهام في الارتقاء بمكانة المغرب وتموقعه ضمن بلدان الاقتصاديات الصاعدة كما تريد له جلالتكم، مغرب نافع بامتداد مجموع تراب المملكة في ظل ورش الجهوية المتقدمة وباعتماد نموذج اقتصادي مبتكر كذلك الذي أرادته جلالتكم للأقاليم الجنوبية، ويستقي نوره من توجيهاتكم النيرة والسديدة الهادفة إلى ترسيخ مغرب التنمية المستدامة والبشرية والتضامن والعيش الكريم والاشعاع على الصعيد العالمي".
شخصيات عالمية تشيد بالبعد الاستشرافي للمشروع
وقالت وزيرة البيئة والتنمية المستدامة والطاقة الفرنسية سيغولين رويال في هذا الاطار ، الخميس بورزازات، إن المغرب يتوفر على "رؤية شمولية" ستمكنه من التقليص من تبعيته الطاقية وإعطاء النموذج للبلدان الأخرى.
وأضافت سيغولين، التي كانت من بين الشخصيات البارزة التي حضرت حفل الشروع في الاستغلال الرسمي للمحطة الأولى من المركب الشمسي نور- ورزازات التي تحمل اسم "نور 1"، وإعطاء انطلاقة أشغال إنجاز المحطتين الثانية والثالثة لهذا المشروع الضخم (نور 2 ونور 3)، أنه "انطلاقا من منجزات من هذا القبيل، سننجح في الوفاء بالتزاماتنا بخصوص مكافحة الاحتباس الحراري".
وأبرزت الوزيرة الفرنسية قوة النموذج الطاقي المغربي والرؤية "المتبصرة" لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بمشروع "طويل الأمد".
من جهة أخرى، أشارت السيدة سيغولين إلى أن فرنسا والمغرب واللذين انخرطا بشكل مشترك من أجل تأمين تحولهما الطاقي، "بإمكانهما أن يصبحا رائدين لمساعدة إفريقيا على التزود بالطاقة الكهربائية من خلال نقل التكنولوجيا والمعرفة".
وقالت إن "التعاون بين المغرب وفرنسا في مجال الطاقات المتجددة سيتيح الدفع قدما بالقرار الذي اتخذ في مؤتمر باريس بخصوص تزود إفريقيا بالكهرباء انطلاقا من الطاقات المتجددة".
من جهنه قال النائب بالبرلمان الأوروبي جيل بارينيو إن بدء العمل بمحطة الطاقة الشمسية "نور 1"، التي ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس أمس الخميس بورزازات حفل تدشينها، أضحى المغرب مرجعية عالمية في تطوير الطاقات المتجددة.
وأوضح بارينيو، الذي كان مقررا للبرلمان الأوروبي في مؤتمر التغيرات المناخية (كوب 21)، أن المغرب بات الآن الحلقة الأقوى في تطوير الطاقة النظيفة بإفريقيا.
وأضاف أن "المغرب بدعمه نجاح (كوب 21 ) واستضافته (كوب 22 )في مراكش، والآن إطلاقه المرحلة الأولى من أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، يؤكد التزامه القوي بالحفاظ على البيئة، وتشجيع الطاقات المتجددة، والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري"، معبرا عن رغبة الاتحاد الأوروبي في الاستفادة من هذا الإنجاز العظيم.
وأكد النائب بالبرلمان الأوروبي أنه "من المهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي يدعم هذا المشروع، أن تكون له شراكة قوية مع المغرب في مجال الطاقات المتجددة".