عبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن خيبة أملها، تجاه مشروع قانون الهيأة العليا للإتصال السمعي البصري ، الذي قام بما وصفته "نسخ شبه كامل للقانون الحالي، مع إضافة بعض المقتضيات، التي لا تقدم أية أجوبة جدية حول الإشكالات المطروحة من طرف المنظمات المهنية والحقوقية والقوى الحية، التي تتطلع إلى إعلام سمعي بصري، يستجيب لمبادئ المرفق العام والجودة والتنوع والاختلاف والتعددية الحقيقية، ويلبي حق المواطن فيتلقي الأخبار والتحاليل والتحقيقات حول واقع بلاده ومحيطه، بكفاءة وموضوعية ويساهم في التربية المدنية المواطنة، والرقي بالذوق والثقافة العامة".
واعتبر بيان النقابة أن المقتضيات الواردة في تحديد مهام المجلس، لا ترقى إلى ما جاء في الدستور من مبادئ، خاصة ما يتعلق بحرية الإعلام والخدمة العمومية وتعدد روافد الانتماء الحضاري للمغرب، وفي صلبها البعد الأمازيغي، والمرجعية الكونية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى غموض بعض المقتضيات التي تمت إضافتها، والتي تحتمل كل التأويلات، إذا لم يتم توضيحها وتدقيقها على ضوء المبادئ الواردة في الدستور والتقاليد والأعراف الأخلاقية المهنية.
وسجلت النقابة بكل أسف، استمرار نفس منهجية التعيين في مجلس هذه الهيأة، دون مراجعة التجربة التي عاشها، والتي أثبتت أن مسطرة التعيين، ليست لها أية فلسفة واضحة، حيث لا تحدد أية معايير واضحة للحكماء. فالمجلس لا يعتمد التمثيلية المهنية والشعبية، المعمول بها في عدد من النماذج، كما لا يخضع للمعايير الضرورية في توصيف الحكيم (ة)، بالإضافة إلى تغييب مبدإ المناصفة.
واعتبرت النقابة أن ما جاء في المشروع، من قبيل فتح مجال تقديم الشكايات بوسائل الإعلام السمعية البصرية، لغير الهيآت المنظمة، من أحزاب ومنظمات نقابية وجمعيات المجتمع المدني، يهدف تكريس ممارسات منقولة عن تجارب فاشلة، لا تؤدي إلا للمزايدات الفارغة والممارسات اللامسؤولة، التي قد تطغى عليها الغوغائية، في الوقت الذي يمكن للهيآة المنظمة القيام بهذا الدور، بكفاءة ومسؤولية. كما رفضت أن يتولى المجلس أية إجراءات هي من إختصاصات القضاء، مثل توقيف التراخيص، كما تعتبر أن ما ورد حول "الأمن العام"، بدل "النظام العام"، يفتح المجال كثيرا حول التأويلات قد تقيد عمل مؤسسات الإعلام السمعي البصري.
ولذلك تؤكد على ضرورة إشراك الهيآت المهنية في كل ما يتعلق بوضع مبادئ أخلاقيات المهنة والصور النمطية للمرأة ومفاهيم الآداب العامة، وغيرها من المفاهيم المهنية والأخلاقية، التي لا ينبغي أن تشكل وسيلة للتضييق على حرية الفكر والفن والإبداع.
وعبرت ايضا عن اعتراضها على المنهجية، التي لجأ إليها وزير الاتصال، في التغييب التام للهيآت المهنية من التشاور حول هذا المشروع، الذي تحاول الحكومة تمريره، بسرعة، وتعمل على تهريبه، من مناقشة ومساهمة المجتمع، في الوقت الذي يعتبر تقنين وتنظيم القطاع السمعي البصري، من أهم مقومات الديمقراطية، وينبغي أن يحظى بنقاش واسع، من طرف المنظمات السياسية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني، والمهنيين في قطاع الصحافة والإعلام وكل المهتمين بهذا الموضوع، خاصة وأن الجمهور المغربي، يبدي إهتماما كبيرا بهذا الملف، الذي أرادت الحكومة، تهريبه في استعجال مشبوه.