المرأة الصحراوية ضحية جريمة قيدت ضد مجهول
بقلم: السالكة سوهايل
رئيسة مؤسسة التجديد للمرأة الصحراوية المغربية
الأمينة العامة لاتحاد الجمعيات الصحراوية
"المرأة هي ضحية الثورات والحروب والصراعات خلال المراحل الانتقالية في العالم" هذا ما يؤكده أحدث تقرير عالمي حول وضع المرأة في العالم حيث دعت حركات مناصرة المرأة الى الخروج في مسيرات من الرجال والنساء في المدن العالمية في 190 دولة احتجاجا على تدهور وضع المرأة في العالم فيما يعرف بحملة one billion rising أو انتفاضة المليار.
وطبقاً للقرار رقم 1 الصادر عن المؤتمر الدولي (الهدف النهائي 1-1، خطة العمل 8)، أعدت اللجنة الدولية وثيقة توجيهية تتناول موضوع احتياجات النساء المتضررات بسبب النزاعات المسلحة. وتستند هذه الوثيقة إلى منشور اللجنة الدولية بعنوان - النساء يواجهن الحرب- (2001)، وهو دراسة استغرقت ثلاث سنوات حول أثر النزاعات.
وفي سياق حديثنا حول قضية الصحراء المغربية فإن الحديث عن انتهاكات حقوق المرأة في المجتمع الصحراوي تكاد تكون منعدمة إذ أن هذا الأخير يتميز بالطبع المحافظ والمتدين وهو أكثر احتراما لحقوق المرأة وحفاظا على مكتسباتها الدينية المستمدة من الديانة الإسلامية السمحة.
لكن ما يدفعنا للحديث عن الانتهاكات في الصحراء هو عدم فهم ثقافة المجتمع من طرف السلطات المكلفة بحواضرنا الجنوبية، والقادمة في الأغلب من المدن الداخلية للمملكة، والتي تتدخل بشكل همجي في المظاهرات التي غالبا ما يقودها النساء، وهي النقطة الرئيسية التي ركز عليها خصوم وحدتنا الترابية، إذ أن ضرب المرأة في المجتمع الصحراوي يعد جريمة كبرى فالخلاف بين الرجل وزوجته في مجتمعنا والذي لم ينفع معه تدخل القبيلة والعشيرة يقود رسميا إلى قوله تعالى }سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ { مما يحيلنا بشكل بديهي على أن كل ما تقوم به السلطات في قمع المظاهرات هو أمر مرفوض في المجتمع الصحراوي مما يقيم عليها الحجة الدامغة في قضايا حقوق الإنسان وهذا ما يستغله الخصوم في المحافل الدولية.
إن المرأة الصحراوية وعبر السنين كانت تتمتع بجميع حقوقها مذ كان المجتمع أميسيا إلى الآن وساهمت في ذلك مجموعة من الحيثيات والظروف التي مر بها المجتمع عبر السنين والحفاظ على مقومات الثقافة الصحراوية هو جزء قوي وضرورة ملحة في مسار حل النزاع القائم حول الصحراء المغربية، وإذا رجعنا إلى المستعمر الإسباني للمغرب وخصوصا في الصحراء نجده دائما كان محافظا على ثقافتنا وهويتنا والمجال الذي اعتدنا العيش فيه فالفرد الصحراوي ابن الطبيعة بامتياز والفضاء الواسع الخلاب، والتربية الدينية على مذهب الإمام مالك.
الآن فقط يمكننا ان نعطي تعريفا تقريبيا للمرأة الصحراوية يبرز كونها كائنا مستقلا عن المضافات التعريفية.
المرأة: هي ذلك الكائن اللطيف، الذي يتحد مع الرجل في أصل الخلقة و يختلف معه في البنية الفسيولوجية لكنه يوازيه في كل الأدوار بلا استثناء.
قال تعالى: « و ليس الذكر كالأنثى » أي في البناء الفسيولوجي و بالتالي فالمهام التي تسند لكل واحد منهما لا تفريق فيها وقد أظهرت المرأة مكانتها إلى جانب الرجل وشغلت كل الميادين وعبرت عن تفوقها كما الرجل.
فهل لدينا إلا أن نقول لن يكون للمرأة عيد فعلي ما لم تظل ذاكرتها متوهجة وما لم تظل مشاعرها متأججة وما لم تظل ترضع أولادها حب الأوطان في أسوأ الأزمان وما لم تظل تنسج من خيوط التضحيات أثوابا من العزة والكبرياء يتوارثها الأبناء عن الآباء يرتدونها دروعا واقية من هجمات ظالمة لا تستهدف فقط البشر بل الشجر والحجر وكل شبر من تراب دون أي إحساس بإثم أو عقاب..
لذا إن تمكين المرأة هو ضرورة اقتصادية و اجتماعية وثقافية و سياسية:
- اقتصاديا يوفر إمكانيات جديدة في ظروف اشتداد الحاجة لكل الطاقات لرفع تحديات العولمة الاقتصادية.
- أسريا يساهم في توفير مداخيل جديدة للأسرة و سد الحاجيات وبالتالي تحقيق التوازن العائلي.
- اجتماعيا ينوع من القدرات الإبداعية لمواجهة المشاكل المتعلقة بسيكولوجية المرأة والصحة النفسية، وأسباب وأشكال العنف، وكيفية التعامل مع ضحايا العنف، كذلك قانون الأحوال الشخصية والتركيز على الزواج والطلاق والحقوق المترتبة عليهما، إضافة إلى تناول حقوق المرأة في الاتفاقيات الدولية، ووضعية المرأة في قانون العقوبات. ...
- ثقافيا يساهم في نقل صورة حضارية مشرقة في واقع دولي يتسم بصراع الحضارات والتهجم على الحضارة العربية والإسلامية.
أتقدم إليك سيدتي في عيدك بأسمى آيات الحب والوفاء لك مني سلاما ما بقيت وبقي الليل والنهار، تلك الدامعة القلب، الباسمة للضرورة، والحازمة في كل حين، تلك الكاسرة والمكسورة، العنيفة اللينة، الطاهرة البريئة، يا صانعات المجد ويا من كتبتن تاريخ بلادنا الخالد بأحرف من نور.
والعيد هذا العام يحمل معه مزيدا من الكفاح والنضال من اجل الحقوق..حقوق الإنسان..وحقوق المرأة جزء من هذه الحقوق. من الأعماق, فإنني أخص المرأة الصحراوية المغربية بتحية إكبار وإجلال لكفاحها وصمودها وتضحياتها المستدامة، أحييها أما، زوجة، أختا، بنتا، ربة بيت، عاملة، طالبة علم،. أوجه تحية الإكبار والإجلال لأسيرات الحرية في تندوف، من الأعماق أوجه تحية الإكبار والفخر والاعتزاز لأمهات وزوجات وبنات الشهداء والأسرى والجرحى، من الأعماق أوجه تحية الصمود للمرأة في كل ربوع وطننا الحبيب .
وفي الأخير أؤكد على ضرورة المصالحة الحقيقية والجادة مع الثقافة الصحراوية واحترام أبجدياتها وتفاصيلها وإعادة الثقة في المواطن الصحراوي وجعله المحور الأساسي لحل المشكل الذي أطال أمده.