خصصت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ملاحظتها النوعية للانتخابات الجماعية ، للوقوف عند مبررات عدم المشاركة، و قام فريق من الملاحظات والملاحظين بكل من فروع المنظمة بصفرو ووجدة وخنيفرة وتطوان وأكادير والرباط بتعبئة ألف استمارة موجهة للمواطنين والمواطنات كعينة. و تميز تقرير المنظمة حول الانتخابات بجديته و مستواه الرفيع مقارنة مع تقارير شبه رسمية كالتقرير الاولي للمجلس الوطني لحقوق الانسان و تقرير النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات المتناسخ مع تقرير مجلس اليزمي او تقرير المنتدى المدني الديمقراطي المغربي.
و حسب بيان للمنظمة فقد مكن تفريغ هذه الاستمارات من تجميع معطيات مهمة نذكر منها:
أن نسبة النساء في العينة وصلت إلى 38.48% أما نسبة الرجال فوصلت 61.52%؛
معظم العينة تتراوح أعمارهم مابين 18 و34 سنة بنسبة 78,54% ومستواهم الدراسي ثانوي وجامعي بنسبة 61.43%؛
أما نسبة 62, 50 % منهم فشاركت في استحقاقات سابقة (انتخابات أو استفتاء ) وعبرت نسبة 61.96% عن نيتها في المشاركة في اقتراع الرابع من شتنبر الجاري لقناعات شخصية أو بسبب تعاطف مع مرشح (ة) أو حزب أو الانتماء لحزب وأن نسبة 60% كانت لهم قناعة مسبقة للمشاركة، في حين عبرت نسبة 40 % منهم أن هذه القناعة لم تتكون لديهم سوى خلال الحملة الانتخابية.
أما نسبة 38,04 % فقد عبرت عن نيتها بعدم المشاركة فيها وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة ممن سبق وأن شاركوا في استحقاقات سابقة، عبروا هذه المرة عن عدم المشاركة.
وجاءت مبررات عدم المشاركة، بعد تجميع ما ورد في الأسئلة المفتوحة التي تضمنتها الاستمارة، متنوعة وفي بعض الأحيان لا تنم على أسس أو قناعات راسخة، خاصة وأن كلمة مقاطعة لم ترد إلا في استمارة وحيدة. ومن هذه المبررات غياب التواصل وفساد العملية الانتخابية ومحدودية أدوار المجالس المنتخبة والأحزاب السياسية وتمويل الأحزاب الذي اعتبروه تبذيرا ...
إلى جانب مبررات تقنية، شملت صعوبة عملية التسجيل واختيار تاريخ الاقتراع ويوم الاقتراع (الجمعة).
وبخصوص مجريات العمليات الانتخابية فقد وقفت المنظمة عند:
- قيام السلطات العمومية بحملات توعية المواطنات والمواطنين حول أهمية المشاركة عبر وسائل الإعلام السمعية البصرية ودعم بعض جمعيات المجتمع المدني للقيام بذلك؛
- منع دعاة المقاطعة من توزيع بياناتهم وتصريف مواقفهم في العديد من المدن. لاحظت المنظمة ذلك وتابعت حالة اعتقال العشرات منهم في مدن الرباط والقنيطرة والدار البيضاء ... إلا أن هذه الممارسة لم تكن ممنهجة إذ لم تعرفها مدن أخرى كطنجة والمحمدية وكان أغلب من اعتقل منتميا لحزب النهج الديمقراطي. بل أنه طال حتى رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ورئيسها السابقان. وقد فتحت محاضر استماع للجميع ليخلى سبيلهم بعد بضع ساعات؛
- تأخر انطلاق الحملة الانتخابية لكثير من وكيلات ووكلاء اللوائح، إذ لم ترتفع حرارة إلا في الأسبوع الثاني المخصص لها؛
- اقتران يوم الاقتراع مع نهاية عطل المواطنات والمواطنين، مما حرمهم من الاطلاع على البرامج الانتخابية والمرشحات والمرشحين، بل وحتى من المشاركة في الانتخاب؛
- مواجهة بعض المواطنات والمواطنين لصعوبات البحث عن مكاتب التصويت وأرقام الناخب، كما عبر العديد ممن سجلوا أنفسهم في المرحة الأخيرة عن غياب مجال لتقديم الطعون ممن رفض تسجيلهم، مما أدى إلى مصادرة حقهم في التعبير عن صوتهم الانتخابي، كما فوجئ بعض المواطنات والمواطنين من عدم وجود أسمائهم داخل اللوائح الانتخابية بالرغم من تأكيد تسجيلهم بواسطة الأنترنيت؛
- غياب أغلب مراقبات ومراقبي الأحزاب في مكاتب التصويت إذ لم يتجاوز عددهم أكثر من أربعة في أحسن حال؛
- سيادة خطاب سياسي بسيط غلب عليه توزيع الاتهامات لهذا الطرف آو ذاك؛ في حين غاب التطرق للبرامج الانتخابية وإقناع الناخبات والناخبين بها؛
- توظيف الدين واستعمال المال خلال الحملة الانتخابية من طرف بعض وكلاء اللوائح ومديري حملاتهم من أجل دفع المواطنات والمواطنين للتصويت على لوائحهم؛
- اشمئزاز الكثير من المواطنات والمواطنين من تلويث مدنهم بإلقاء كميات هائلة من بقايا قصاصات وبرامج الأحزاب ... في الشوارع وتلويث جمالية الشوارع بالملصقات وتلوث الفضاء بأصوات منبهات الصوت...
و سجلت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان كثافة المشاركة مقارنة مع انتخابات 2009 رغم العوامل المسجلة أعلاه و كذا إيجابية اعتماد البطاقة الوطنية كوثيقة وحيدة للولوج إلى مكاتب التصويت، واعتبار ذلك تفعيلا لإحدى توصياتها الواردة في تقاريرها السابقة حول ملاحظة الانتخابات.
و دعت المنظمةالى بذل مجهودات إضافية، حكومة وأحزاب سياسية، بخصوص التواصل مع المواطن(ة) أثناء العملية الانتخابية وتأطيره تأطيرا سياسيا ملائما و الى احترام حرية الرأي والتعبير بخصوص المطالبة بالمشاركة أو المقاطعة؛ وهي الدعوة التي سجلتها المنظمة في تقاريرها السابقة.
كما شددت على الرقي بالخطاب السياسي تعزيزا للانخراط الواعي للمواطن(ة) في تدبير الشأن العام والاهتمام به بالتتبع والاقتراح والتقييم و عدم الإفلات من العقاب بخصوص الجرائم والاختلالات التي يعرفها تدبير الشأن العام، خاصة وأن أغلب الأحزاب السياسية قد أكدت على التزامها بمحاربة الفساد وتخليق تدبير الشأن العام وتعزيز الشفافية و احترام المتنافسين لنظافة وجمالية المدن والقرى أثناء الحملة الانتخابية واتخاذ الإجراءات الزجرية للمخالفين لذلك؛
و نبه تقرير المنظمة بضرورة احترام السلطات المعنية لدورية الانتخابات مع اختيار التواريخ المناسبة لانخراط عموم المواطنات والمواطنين في العملية الانتخابية واختيار يوم للاقتراع غير يوم الجمعة الذي أكد بعض المستجوبين احترامه كعيد للمؤمنين و تيسير عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية والأخذ بعين الاعتبار الطعون المقدمة من طرف المواطنات والمواطنين.
ودأبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان على القيام بملاحظة الانتخابات منذ سنة 1997 وخصصت ملاحظتها النوعية للانتخابات الجماعية للرابع من شتنبر 2015 للمشاركة وتحليل البرامج الانتخابية لثمان أحزاب أساسية لمقاربة مدى حضور حقوق الإنسان بها تحت "عنوان المدينة وحقوق الإنسان" وذلك في ست مدن.