اختار المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف وعائلة المانوزي الذكرى الأربعين لاختطاف ابنها الحسين المانوزي للإعلان عن تجديد التشبث بمطلب الحقيقة القضائية على اعتبار أنه يبقى المنفذ الوحيد للكشف عن حقيقة مصير كافة ضحايا الاختفاء القسري الذين لازالت ملفاتهم عالقة وتمكين العائلات من الرفات والحق في إقامة مراسيم الدفن.
وأكد مصطفى المانوزي رئيس المنتدى أنه لن يتم التراجع عن هذا المطلب حتى يتم معرفة مصير ضحايا الاختفاء القسري وإجراء الاختبارات الجينية وتسليم الرفات للعائلات، مبرزا أن جلالة الملك محمد السادس الذي صادق على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ودفع في اتجاه تنفيذها يعد الضامن الوحيد للكشف عن الحقيقة في هذا الملف في نظر العائلات. ويعبر المانوزي بذلك عن عدم الثقة في الحكومة الحالية التي على حد قوله لها سابقة في انتهاك والحيلولة دون بلوغ عائلات وذوي المختفين إلى الحقيقة حول مصير المختفين قسريا من أبنائها، خاصة من ارتبط اسمهم بالمعتقل السري «النقطة الثابتة ثلاثة» (ب إف 3)، عبر إصرار رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران آنذاك على عرض مشروع القانون المتعلق بحماية وحصانة العسكريين على أنظار مجلس النواب للمصادقة عليه رغم مخالفته بعض مقتضياته (المادة 6 و7 منه) للدستور الجديد.
وأوضح المنتدى والعائلة في تصريح مشترك تلاه مصطفى المانوزي في ندوة صحفية نظمت صباح يوم الجمعة الماضي بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، خصصت لتقديم تطورات ملف الحسين المانوزي وتطورات ملف الاختفاء القسري بشكل عام، أن مطلب الحقيقة القضائية لا ينفصل عن المطالب الجوهرية الأخرى المتعلقة بإرساء ضمانات عدم التكرار وبإدماج الضحايا وبحفظ الذاكرة، بل هو مطلب يتوافق مع توصيات الفريق الأممي العامل المعني بالاختفاء القسري التي أوردها في تقريره إثر زيارته للمغرب في شهر يونيو من سنة 2009.
وشدد في هذا الصدد على أن المنتدى سيتمسك بالحقيقة القضائية، خاصة وأن شهادة أحد الإخوة بوركيات الذي استمع إليه القاضي أكد واقعة الاختطاف والاغتيال داخل مقر «ب إف 3» ، وقال رئيس المنتدى في هذا الصدد: «سنأتي بكل من له علاقة بالملف إلى المحكمة»، مشيرا في هذا الصدد إلى كل من إدريس الضحاك الذي سلم حينما كان رئيسا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لمحامي العائلة وثيقة تثبت وفاة الحسين المانوزي، وبعض المسؤولين الأمنيين باعتبار أن نقطة «ب إف 3» التي يشار على أنها كانت المكان الذي شهد واقعة الاعتقال ودفن رفاة بعض الضحايا، كان يقع تحت نفوذ دائرتهم الأمينة، خاصة الدرك والأمن.
هذا فضلا عن تقديم رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليازمي باعتباره ورث المهمة على رأس هذا المجلس،(تقديم) لشهادته بخصوص الملف، إذ عبر عن تجاوبه من خلال تأكيده على وضع رهن إشارة قاضي التحقيق أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة.
واعتبر أن الأمر بات مستعجلا خاصة وأن مقر «ب إف 3 » تم السماح للسفارة الأمريكية ببناء مقرها على ترابه، في حين أن وزارة العدل والحريات كان حريا بها أن تسرع بالتحفظ على هذا المعتقل السري إلى غاية إجلاء الحقيقة القضائية كاملة بخصوص حالات الاختفاء القسري التي وردت شهادات بشأن حدوثها بهذا المقر.
واستغرب المتحدث من بعض المحاولات التي تقوم بها جهات لم يسمها بالاسم لثني المنتدى عن مواصلة مسار الدعوى القضائية، إذ أشار في هذا الصدد إلى حفظ الملف من طرف الوكيل العام للملك، لكن تدخل وزير العدل السابق المرحوم محمد الناصري أعاد فتح الملف، مبرزا أن رفع الدعوى لا يروم توجيه اتهام لطرف ما بل فقط إثبات مادية الاختفاء القسري لذوي المختفين وتكميل «الأجزاء الغائبة من الحقيقة».
وأعلن رئيس المنتدى سياق التطورات التي عرفها المغرب وخاصة منذ انطلاق الربيع الديمقراطي المغربي، في فبراير من السنة الماضية، فقد حازت التوصيات التي حملها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة على صفتي المرجع والالتزام الوطنيين، على اعتبار أنها كانت من بين المطالب المجتمعية التي تم رفعها، بل وحملها الخطاب الملكي ل9 مارس من نفس السنة فضلا عن ما تضمنته وثيقة الدستور الجديد، إذ اعتبرت مرجعا رئيسيا للإصلاح المؤسساتي.هذا وكشف رئيس المنتدى أن لائحة المختفين الذين بقيت حالتهم عالقة والتي حددها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في تسع حالات، تفوق ذلك وتصل إلى 50 حالة أحصاها المنتدى.
ومن جانبه أكد آلان مارتيني نقيب المحامين بجيبوتي و عضو سابق بهيئة المحامين بباريس، محامي عائلة المانوزي، الذي ذكر في البداية بوقائع الاختطاف والمسار الذي نهجته العائلة بحثا عن الحقيقة، (أكد) على ضرورة الامتثال وإكمال ما توصلت إليه أشغال وتحريات هيئة الإنصاف والمصالحة عبر إماطة اللثام عن الحقيقة كاملة خاصة بالنسبة للحالات التي بقي يلف الغموض مصيرها.