التعديل الحكومي.. بين الإشاعة وضرورة إجرائه...!
تعتبر الحكومة التي يقودها رئيس التجمع الوطني للاحرار، اول حكومة في تاريخ المغرب المعاصر، "تخرج من الخيمة مايلة"، ذلك انه لم يكد يمضي على تشكلها سوى اسبوع واحد، حتى لحقها تعديل تمثل في اقالة أحد أعضائها، هي وزيرة الصحة التي تشغل في نفس الوقت عمدة العاصمة الاقتصادية، وما أدراك ما العاصمة الاقتصادية!، وكان تبرير الإقالة انذاك هو من جهة ثقل مسؤولية تسيير مدينة؛ من حجم الدار البيضاء ومن جهة اخرى، عدم الجمع بين مهام العمودية والوزارة، علما ان هذا التبرير الاخير مردود على اصحابه، خاصة وان عمدة مراكش استمرت في منصبها الوزاري، بالرغم من أن مراكش وان كانت لا ترقى إلى حجم الدار البيضاء، فانها لا تقل أهمية عنها نظرا لخصوصيتها كمدينة سياحية بامتياز، تستقبل على مر العام عددا من مشاهير العالم، في السياسة وفي الفن كما ان سحر طبيعتها، يدفع عددا من الجهات الوطنية والدولية، إلى تفضيلها لاحتضان عدة مؤتمرات ولقاءات، وهو ما يتطلب المتابعة اليومية عن كثب، لسير شأنها المحلي وبالتالي الحضور الدائم لعمدتها، واذا كان ما يجري على المثل يجري على المماثل كما تقول القاعدة، فلماذا لم يطل التعديل عمدة مراكش وطال عمدة البيضاء وحدها.
واذا كان شأن التعديل الحكومي من اختصاص جلالة الملك وحده، فإن ما يروج في مختلف الاوساط حول تعديل حكومي مرتقب، انما هو يترجم تمنيات عدد من المواطنين الذين أصيبوا بخيبة أمل، في حكومة لم تف بوعودها، وكانت مكوناتها قد بالغت أثناء الحملة الانتخابية، في إطلاق كثير من الوعود المعسولة، والتي تتجلى في انها ستكون هي اول حكومة اجتماعية في التاريخ، كما ستنسي المغاربة كل ما عانوه مع حكومة الاسلاميين، غير ان العكس هو الذي حصل، اذ باجراء مقارنة بين بعض أعضائها واعضاء الحكومة السابقة، لانجد أي فرق يذكر ففضلا عن ضعف مستوى تكوين عدد منهم، فانهم يفتقرون إلى التجربة كما لا يحسنون التواصل او لايتواصلون اصلا، والوزير المكلف بالتواصل عديم التجربة وليس بينه وبين التواصل سوى الخير والاحسان.
لا ينكر أحد أن العالم يعيش بسبب تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية، أزمة الطاقة التي انعكست على ارتفاع فاتورة النقل، وبالتالي ارتفاع اسعار عدد من المواد والمغرب ليس استثناء في هذا الباب بطبيعة الحال، الا ان الذي يعاب على حكومتنا الموقرة، هو غيابها نهائيا وكان الأمر لايعنيها، ثم يأتي الناطق الرسمي ويتحدث في الندوة الصحفية، التي اعتاد عقدها عقب كل مجلس حكومي، كما لو كان يخاطب تلاميذه في القسم وبلغة استفزازية، فعوض أن يتحدث بهدوء ويحاول تبرير الزيادات الصاروخية التي عرفها البنزين، قال أنه ما على من لم يستطع مسايرة ارتفاع سعر البنزين، سوى أن يركن سيارته ويلجأ إلى استعمال وسائل النقل العمومي، على ان تتنقل سيادته "بيلكي" في السيارة الوزارية.
واذا كان الحديث عن التعديل مجرد اشاعة، فانه مراعاة للوضعية الصعبة التي يجتازها المغرب، فاننا فعلا في حاجة إلى إجراء تعديل حكومي، لاستبدال عدد من الوزراء الضعاف، امثال الناطق الرسمي والوزير المكلف بالتواصل، بأشخاص تتوفر لديهم قبل الشروط الضرورية الكازيما الضرورية.
محمد الأمين ازروال