كشف تقرير لهيئة مستقلة حول تخفيض أسعار الأدوية بالمغرب، حصلت زووم بريس على مسودته الاولى ، أن البهرجة الاعلامية للحكومة حول القضية هي في الحقيقة " صفقة جديدة لن يجني منها المواطنون اية فائدة و هدفها الحقيقي المسكوت عنه هو در الرماد في العيون حتى تواصل الشركات المصنعة للأدوية مراكمة الأرباح الخيالية الريعية من خلال الغلاف المالي الضخم للمخصص لتغطية نفقات العلاج لدوي الدخل المحدود عبر صندوق التماسك الاجتماعي".
و أوضح تقرير" الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة" أن المواطن سيظل يؤدي 47 في المائة كهامش للربح لشراء أدوية ، مضيفا أن العملية برمتها صفقة جديدة ترمي الى افلاس صناديق التامين الاجباري عن المرض (CNOPS )بمنعهم من شراء أدوية مكلفة جدا وبأثمان منخفضة في اطار صفقات عمومية من خلال طلبات العروض تمكنها من اقتناء الدواء 80 بالمائة أرخص.
و أوضع التقرير أن جمعية للاسلمى لمحاربة داء السرطان تساهم ب240 مليون درهم سنويا لشراء أدوية لعلاج داء السرطان للفئات المعوزة وبأقل تكلفة من وزارة الصحة نفسها التي لا تخصص من ميزانياتها السنوية إلا 60 مليون درهم في وبأسعار مضاعفة.
و كان وزير الصحة الحسين الوردي قد اعلن مؤخرا عن تخفيض أسعار حوالي 320 دواء بمعدل يقارب النصف من ثمنه الأصلي المتداول حاليا في الصيدليات.
و أفاد التقرير الذي سينشر في الايام القادمة أن هذه العملية جرت في سرية تامة ضمت أطرافا محدودة جدا وهم وزارة الصحة ممثلا في الوزير ورئيس قسم بمديرية الأدوية وممثلين عن صناعة الأدوية بالمغرب وأحد ممثلي نقابة الصيادلة وتم استثناء أطرافا وفاعلين رئيسين من المشاركة في المفاوضات التي تهم عملية التخفيض من أسعار الأدوية وهي على الخصوص وزارتي الصناعة والتجارة ووزارة المالية وصناديق التامين الإجباري عن المرض كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والمجلس الوطني للمنافسة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي .
كما تم تحييد ومنع مدير الأدوية بوزارة الصحة من حضور المفاوضات التي تمخض عنها هذا القرار الدعائي وتعويضه برئيس قسم معروف بتواطئه ودفاعه عن شركات الأدوية ويبارك دون تردد مقترحاتها لأسباب أضحت معروفة لدى كل الفاعلين في القطاع وجمعيات حماية المستهلك والدفاع عن الحق في الصحة.
و كشفت معطيات متطابقة عالى أن خبايا الملف ستكشفها لاحقا تقارير الجهات الأخرى المختصة والمعنية من صناديق التأمين ومجلس المنافسة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي وبرلمانيي الأمة بمن فيهم بعض برلمانيي فريق العدالة والتنمية المتخصصين الذين شككوا علانية في سلامة ومصداقية عملية تخفيض الأدوية . باعتبار ان ما صرح به وزير الصحة يجانب الصواب وان الحقائق المرة التي سيطلع عليها الجميع حينما يأمر رئيس الحكومة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الموضوع ويتوصل بالنتائج.
و اكدت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة بناءا على معطيات علمية زيف ادعاءات وزارة الصحة ومحاولتها لتغليط الرأي العام بإعلانها عن تخفيض أدوية دون اشهار قائمتها ولا حجم استهلاكها بالمغرب ولا حتى تحديد أجندة حقيقية للتطبيق والتنفيذ في الصيدليات عبر التراب الوطني وبالتالي تكون قد خضعت لإملاءات ومخططات اللوبي الدوائي بالمغرب الذي يتحكم في مصير هذا القطاع وفي حق المواطن في الحصول على الأدوية بأسعار تتماشى ووضعه الاجتماعي.
فحسب تقرير للمنظمة العالمية للصحة حول السياسة الدوائية بالمغرب توصلت الشبكة بمعطيات مفادها ان اسعار الأدوية مرتفعة بشكل غير مقبول . وإرباح الشركات تثير الاستغراب وتسيل اللعاب حيث تحصل على ارباح مضاعفة عن تلك التي تحصل عليها نفس الشركة في دول المصدر وان الثمن العمومي للدواء المعمول به في المغرب غير عادل وغير شفاف. بحكم ان المواطن يؤدي ليس فقط هامش الربح المحدد في 30 في المائة للصيدلي بل ان المواطن المغربي يؤدي 10 في المائة للموزع و 30 في المائة هامش ربح الصيدلي و 7 في المائة الضريبة على القيمة المضافة أي ان المواطن بالمغرب يؤدي 47 في المائة كهامش للربح على الدواء.
فنحن اليوم أمام وضعية تجعل المواطن المغربي ينفق من جيبه في المعدل العام لنفقات العلاج ما يفوق %57 و قد تصل الى% 100 احيانا لدى الأسر التي لا تتوفر على اية تغطية صحية وترفض السلطات المحلية تمتعيها ببطاقة الراميد مما دفع عدد من المرضى المصابين بامراض مزمنة الى الاستدانة المفرطة أوالى بيع ممتلكاتهم من اجل البقاء على قيد الحياة . علما ان المغرب يعرف سنويا تزايد كبيرا ومخيفا لأعداد المصابين بأمراض فتاكة ومزمنة كالسكري وضغط الدم والسرطان وأمراض الكلى الأمراض وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والاكتئاب والاضطرابات النفسية والصداع النصفي ومضادات الفطريات والقيء المصاحب للعلاج الكيماوي والإشعاعي والروماتيزم وحساسية الصدر وسرطان الثدي والفشل الكلوي والتهابات المسالك البولية والمناعة المكتسبة والسل.
وتكفي مقارنة بسيطة وسريعة لأسعار الادوية في المغرب مع دول اخرى كتونس ومصر والأردن وفرنسا لنعرف فداحة ألوضع فسعر الادوية في فرنسا هو اقل من سعرها في المغرب بنسبة تتراوح بين 20 إلى 70 في المائة رغم ان الرواتب في المغرب لا يمكن ان تقارن برواتب الموظفين في فرنسا.
و أشار التقرير أن لائحة 320 دواء الذي تم الإعلان عن تخفيض ثمنه تم حصرها حسب مصادرنا وما نتوفر عليه من معطيات دقيقة في الأدوية التي تدخل ضمن مشتريات وزارة الصحة مباشرة من الشركات عبر صفقات عمومية وبأسعار تفضيلية تقل عن تلك التي تحدده الدولة في الصيدليات من خلال "الثمن العمومي للدواء ".مع العلم كذلك ان وزارة الصحة لاتقتني إلا الأدوية الجنيسة وبالتالي فلا وجود لهذه الأدوية في الصيدليات ولا حتى ضمن مشتريات المستشفيات اليوم بنسبة تقارب 30 في المائة.
كما أن عدد الأدوية التي مسها التخفيض و المحدد في 320 دواء لا تمثل حتى 10 في المائة من حجم السوق الوطنية التي تروج ما يفوق 5000 دواء. كما كشف التقرير التستر على فضيحة كبرى تتمثل في بيع نفس الدواء وبعلامات تجارية مختلفة بنسب متفاوتة تصل احيانا الى 600 في المائة حسب التقارير المختلفة حول الموضوع بعيدا عن أنظار مجلس المنافسة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي وهذه الأخيرة اصبحت لاتلعب بتاتا الدور المنوط بها في الحفاظ على التوازنات لضمان ديمومة نظام التأمين الاجباري عن المرض بل انخرطت في مسلسل الرضوخ الى اللبيات القطاع الطبي والدوائي.