هربت جماعة ياسين مؤتمرا لتركيا مخافة نفرة الاشبال و تجريبا لحظها مع فيالق الاخوان الذين جعلوا من تركيا مزارا يتوافدون عليه من كل فج عميق ومن مغارب الارض و مشارقها طمعا في النصرة و الصحبة.
مؤتمر الجماعة جعل من ياسين نبيا جديدا لا يضاهيه إلا المرسلون، فهو لا يخاف في الحق لومة لائم. و لم يبقى لكبير دائرة العدل و الاحسان محمد الحمداوي إلا مطالبة الناس بالصلاة و السلام على ياسين.
و الحقيقة ان ياسين ليس بداعية و لا بزعيم كما يتوهم اتباعه، بل مؤسسا لطريقة "دهلوية"- نسبة لصاحب كتاب حجة الله البالغة- شبيهة بما يظهر في الغرب من المتنبئين الجدد كدافيد كوريتش او اتباع عبدة الشمس المنتحرين جميعا في 1978 .
فإذا كان ياسين قد جاهر الحسن الثاني برسالته المعروفة و قيل انه حوصر في بيته ، فالرجل بقي لسنوات يقرأ و يكتب و يأكل ما لد و طاب من خيرات الدنيا. و هو بذلك كان محضوضا فغيره نفي و دخل المعتقلات السرية و العلنية و قبع في سجون صدئة كسجن لعلو و المركزي. و بذلك يستوي ياسين و السرفاتي و الديوري و الفقيقه البصري فكلهم جاهروا بكلمه "الحق"، إلا إذا كان اتباع ياسين يعتبرون شيخهم من غير طينة البشر او أن الاخرين هم دون مرتبة الشيخ المبجل لحد القداسة.
و الحقيقة ان ما سمي بمؤتمر " مركزية القرآن في نظرية المنهاج عند ياسين " بتركيا ليس سوى طريقة جديدة لتصدير القومة الياسينة بعد أن فشلت في التحكم في عصب المجتمع و الدولة لخصوصيات التركيبة المجتمعية بالمغرب، عكس بعض الدول المشرقية التي تضم في ثناياها ما يمكن للخطاب الياسيني ان يخترقها، كما فعل الخميني لسنوات ببلدان المشرق و إيران.
و ما يفسر كل هذه الضجة التي أقيمت حول المؤتمر الذي ليس سوى زوبعة في فنجان، فالجماعة خصصت رحلة استجمام لأطرها لتركيا لتلطيف الجو و شحن هممهم بعدما خاب أملهم جراء مشاكل الجماعة التي لا تعد و لا تحصى.
المؤتمر الذي لا يعني إلا من سافروا للاستجمام بالأناضول، يخفي في نفس الوقت البعد التحكمي للجماعة التي لها مشروع ماضوي دعوي شبه صفوي في المنهج و مركزي في الجوهر. فقد قرر بيانه الختامي الدعوة لتقديس ياسين من خلال تدريس نظرية ا عبد السلام ياسين في الجامعات والمعاهد والمدارس الإسلامية باعتبارها إسهاما فكريا وتربويا ودعويا متميزا وإقامة الندوات والحلقات النقاشية على شبكة الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي، حول فكر ياسين وتوجيه طلبة الجامعات في الكليات الإسلامية والعلوم السياسية وأقسام العلوم النفسية والتربوية للاطلاع على كتبه .