تشير التطورات الأخيرة في ليبيا، إلى أن مشروع القائد العسكري الجنرال خليفة حفتر، بات يواجه مصاعب كبيرة، في ظل عدة انتكاسات عسكرية، مني بها مؤخرا، على يد قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا في طرابلس.
وبعد أن خسر الجنرال حفتر،مدينتي صرمان وصبراته، الواقعتين تحت نفوذه، منذ إطلاقه عمليته العسكرية، التي قال إنها تستهدف السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، توالت خسائر الرجل، حيث أفادت الأنباء بأنه خسر أيضا، مواقع ميدانية جنوب طرابلس، في ظل حديث متزايد، عن وجود تصدع في معسكر أنصاره شرق ليبيا.
تغير الولاءات
وكان أشرف الميار، قائد كتيبة التوحيد المدخلية السلفية، والداعمة لحفتر، قد أعرب في شريط مصور عن ولائه لرئيس مجلس النواب الليبي في طبرق عقيلة صالح، والذي يمثل الطرف المتحالف مع حفتر شرق ليبيا، واصفا إياه بـ"وليُّ أمر البلاد"، ومعتبرا أن الخروج عليه "غدر ونقض للبيعة".
وجاء تحرك الميارعلى مايبدو، ردا على إعلان حفتر يوم الإثنين الماضي، إلغاء اتفاق الصخيرات السياسي، وتنصيب نفسه حاكما لليبيا، مما ألقى بظلال من الغموض، على مستقبل التحالف الذي يربط بين القيادة العامة للجيش الليبي، الذي يقوده حفتر والبرلمان، وهو تحالف قائم منذ العام 2014 ، ويعد اتفاق الصخيرات المرجعية الدولية، التي يستمد منها البرلمان الليبي برئاسة عقيلة صالح شرعيته، ومن ثم فإن إلغاء الإتفاق يعني تفرد حفتر بالسلطة، وإلغاء أي دور للبرلمان.
ويعتبر مراقبون أن ما قام به حفتر، أثر كثيرا على تماسك المعسكر الداعم لقواته شرق البلاد، ويرون أن عقيلة صالح، لن يقبل بفكرة تهميشه أو استبعاده، إذ يعتبر نفسه لاعبا رئيسيا، على الساحة السياسية الليبية، كما يملك تحالفات مع داعمين محللين وإقليميين ودوليين.
المواجهة مع الوفاق
وعلى صعيد المواجهة بين حفتر، وحكومة الوفاق الليبية، التي تحظى باعتراف دولي في طرابلس، اعتبر مراقبون أن ما أقدم عليه حفتر من إلغاء لاتفاق الصخيرات، وإعلان نفسه حاكما للبلاد على أساس ما وصفه بتفويض من قبل الليبيين، يعكس مدى الحرج الذي لحق بموقفه، بعد عدة هزائم عسكرية، مني بها في الفترة الأخيرة.
وكان حفتر قد عاد ليعلن عن هدنة، تقضي بوقف جميع العمليات العسكرية من جانب واحد، في محاور العاصمة طرابلس، بمناسبة شهر رمضان على حد قوله، إلا أن حكومة الوفاق الوطني، بقيادة فايز السراج رفضت الهدنة ، معتبرة أن أي هدنة حقيقية بحاجة إلى ضمانات دولية.
ورأى مراقبون أن إعلان حفتر لتلك الهدنة، لايعكس موقفا حقيقيا يهدف إلى وقف الاقتتال، بقدر ما يعكس الواقع الجديد على الأرض، بعد الهزائم المتتالية، التي مني بها، وأنه ربما يسعى من خلال طرح تلك الهدنة، إلى تهدئة الموقف، بما يسمح له بترتيب أوراقه وإيقاف خسارته للمزيد من المواقع.
رفض دولي
وبجانب ما يلاقيه مشروع حفتر في ليبيا، من انتكاسات على الأرض، بدا أنه اصطدم أيضا، برأي دولي معارض، إذ أشارت معظم التقارير، إلى أن إعلان حفتر عن تولي حكم ليبيا، قد قوبل بردود فعل دولية غير مرحبة، حيث أشار بيان للسفارة الأمريكية لدى طرابلس، بعد ساعات من إعلان حفتر، تنصيب نفسه رئيسا للبلاد، إلى أن الولايات المتحدة، تعرب عن أسفها لما وصفه البيان بـ"اقتراح حفتر"، كما شدد على أن"التغييرات في الهيكل السياسي الليبي لا يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب".
من جانبها أكدت بعثة الأمم المتحدة، للدعم في ليبيا، على أن الاتفاق السياسي الليبي، يعد"الإطار الوحيد" المعترف به دوليا، وقالت البعثة في بيان لها " بحثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز، هاتفيا التطورات الأخيرة في ليبيا مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، وأطلعت وليامز السراج على نتائج محادثاتها الأخيرة مع الفرقاء الليبيين والدوليّين، مؤكدة أن الاتفاق السياسي والمؤسسات المنبثقة عنه يبقيان الإطار الوحيد المعترف به دوليا للحكومة في ليبيا وفقا لقرارات مجلس الأمن".
مؤيدو حفتر
على الجانب الآخر، يرى الفريق الداعم لخليفة حفتر، أن ما قام به الجنرال الليبي من إلغاء لاتفاق الصخيرات، كان مجرد تحصيل حاصل، وأن الاتفاق كان قد أسقط بالفعل، من قبل حكومة الوفاق،عبر استعانتها بتركيا عسكريا، ويعتبر المعسكر الإقليمي الداعم لحفتر، أن خطوته كانت ضرورية، من أجل الحيلولة دون تحويل ليبيا، إلى نقطة نفوذ تركية، تستهدف زعزعة استقرار دول تختلف معها في المنطقة.
ويعتبر التحالف الاقليمي الداعم لحفتر، وهو معاد للدور التركي ،أن "الميليشيات الموالية لحكومة طرابلس" ، تعتمد على إمدادات تركية بالمسلحين والأموال والأسلحة، تشتمل وفقا لها على طائرات مسيرة.
ويرى هؤلاء أن إعلان حفترالأخير، سيغلق جميع المنافذ أمام المساعي التركية، لتنفيذ أجندتها أنقرة على الساحة الليبية على حد قولهم.
وكان حفتر قد وصف المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج، والمدعوم دوليا في وقت سابق بـ"الخائن" لإبرامه مذكرتي تفاهم مع تركيا بشأن ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكري .
وكالات