قدم الملك محمد السادس في الخطاب الذي وجهه إلى الدورة الثانية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي٬ المنعقد في القاهرة، تحليلا شاملا للتحديات الكبرى والقضايا الملحة التي تواجه الأمة الإسلامية والتي تتمثل في أزمة مواقع في العالم تتسبب في العنف وإقصاء الآخر٬ ما يفرض تموقعا واضحا للأمة لتثمين مرجعيتها الأصيلة وتشكيل قوة اقتراحية حقيقية لحلول إشكاليات العصر.
وأبرز الملك محمد السادس أن العالم يواجه اليوم أزمات خطيرة ومعقدة حيث تتعرض قيم التسامح والتعايش والحق في الاختلاف لأسوأ مظاهر الانتهاك لفائدة تغدية نزعات التطرف والإقصاء.
وأكد أن منظمة التعاون الإسلامي مطالبة٬ لمواجهة هذا الوضع٬ بتقديم مساهمة فعلية وجريئة تجيب عن الأسئلة المطروحة والمخاوف الراهنة٬ وتساهم في الازدهار التنموي لكافة الشعوب٬ في ظل التعايش والمساواة والوئام.
وأبرز الملك محمد السادس الذي قدم تحليلا شاملا للانشغالات المطروحة على العالم الإسلامي٬ مركزية القضية الفلسطينية٬ التي كانت أساس قرار إحداث منظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1969 بالرباط٬ والتي تلزم الأمة الإسلامية التأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتقادم.
وأكد في هذا الإطار أنه يتعين دعم الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الفلسطينية٬ وترميم البيت الفلسطيني٬ وذلك في سياق الجهود التي تبذلها في هذا الإطار عدد من الدول الشقيقة٬ ولاسيما بفضل مبادرته االشخصية بصفته رئيسا للجنة القدس٬ التي أفضت إلى عقد اجتماع بين الفصائل الفلسطينية توج بـ"نداء الرباط".
وكرئيس للجنة القدس٬ أكد أنه لن يدخر أي جهد لمواصلة مساعيه الحثيثة لدى الأطراف الدولية٬ لوضع حد لتمادي الحكومة الإسرائيلية في الاعتداءات المتكررة على مختلف المعالم الدينية٬ في خطة ممنهجة لتهويد القدس الشرقية٬ والقضاء على هويتها.
وبخصوص الوضع في سوريا٬طالب جلالته بضرورة إيجاد حل يكفل وقف دوامة العنف بتشاور مع الممثلين الشرعيين للشعب السوري٬ مثمنا في هذا الصدد ما أسفر عنه الاجتماع الوزاري الأخير لـ "مجموعة أصدقاء الشعب السوري" المنعقد بمراكش في ديسمبر 2012 والذي يجب أن يتعزز بالجهود المبذولة على المستوى الإنساني٬ حيث كان المغرب في الصفوف الأولى في هذا المجال من خلال إقامة مستشفى ميداني متعدد الاختصاصات بمخيم الزعتري بالأردن٬ وتقديم مساعدات إنسانية وطبية في كل من الأردن وتركيا.
من جهة أخرى٬ فقد أضحت منطقة الساحل والصحراء٬ أمام أخطار الإرهاب والتطرف المحدقة بها٬ مصدر قلق كبير وتجلت أبشع مظاهرها في الآونة الأخيرة٬ في دولة مالي التي جدد الملك محمد السادس التأكيد على التضامن التام مع الظروف الدقيقة التي تمر بها.
وأكد ٬ أنه أمام زحف التهديدات الإرهابية والأعمال التخريبية التي تطال رموز التراث الثقافي بمالي٬ اتخذ هذا البلد "في نطاق سيادته٬ الموقف الذي يراه ضروريا٬ بعد التجائه لمجلس الأمن الذي أصدر بدوره القرار المناسب لدعم مالي في حماية وحدته وصيانة سيادته"٬ معتبرا أنه الموقف الحازم الذي مكن من التصدي لغزو جنوب مالي وعمل على توقيفه٬ ثم اتجه نحو تحرير الشمال.
واعتبر أن الأمر لا يتعلق بمالي وحده٬ وإنما يشكل خطرا تمتد تداعياته إلى كافة بلدان المنطقة لزعزعة استقرارها وتمزيق وحدتها. وهو ما يقتضي حلا شاملا وعاما يأخد بعين الاعتبار الوحدة الترابية لهذا البلد و كل الابعاد السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية و التنموية لهذا البلد.