حركة غيُر عادية للمسؤولين المغاربة بِبَهْوِ القاعة رقم 20 عشرين الشهيرة، والساعة تشير إلى السادسة مساء من توقيت جنيف، اليوم 4 مارس 2013 بقصر الأمم المتحدة بذات المدينة
حَنَقٌ وتوتُّر وتَجَهُّم شديدٌ على مُحيا المسؤولين المغاربة، وتعليمات للصحافة المكتوبة والمرئية لنقل الإيجابي دون السلبي المُوجِعِ، من التقرير الأممي الذي أدلى به الأرجنتيني "خوان مانديز" حول التعذيب بالمغرب.
لقد بدأ ملخصه عن المغرب بشكر الحكومة المغربية التي فتحت له الأبواب، وأورد أن ثقافة حقوق الإنسان بدأت تظهر بالمغرب، وأن هناك قبولا من طرف السلطات لهذه الثقافة، وأثنى على الجهود التي يضطلع بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهيئة الإنصاف والمصالحة التي صالحت المغرب إلى حد ما مع ماضيه.
ويفاجئُ الجميع بحقائق كانت بمثابة الدلو البارد الذي صبه على المسؤولين المغاربة الذين حجوا بكثرة لجنيف، ولم يكونوا يتوقعون هذا الحمام البارد؛ حيث صرح المقرر الأممي أن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية لم تنتهِ بعد بالمغرب، وحثَّ الرباط على مراجعة المادة 231/1 من القانون الجنائي المغربي، وأن المتورطين في عمليات التعذيب يجب أن يعاقبوا قانونيا، وأنه بعيد عن الاقتناع بعدد 220 ملف رجل أمن صرحت به الحكومة، في عدد الملفات التي أجريت فيها أبحاث عن عمليات التعذيب والعنف قام بها مسؤولون أمنيون، لايزال أغلبهم يزاول وظيفته، وأن عددا كبيرا من نفس المتهمين تمت تبرئتهم، وأن أقلية تمت إدانتها بالفصل النهائي عن مهامها أو أداء دعيرة خفيفة .
لقد أبرز مصطفى الرميد وزير العدل والحريات يوم 2 مارس بنفس المكان، أن عمليات التعذيب وإن وجدت، فإنها تبقى رهينة أشخاص لم يُفتضح أمرهم بعد؛ لكن المقرر الأممي حول التعذيب "مانديز" ينقض اليوم ادعاءات الرميد، ويؤكد أمام العالم في تقريره الذي لدينا نسخة منه، أنه توصل بشهادات موثوق بها بخصوص ضغوطات نفسية وجسدية، استهدفت معتقلين خلال استنطاقهم في ملفات تتعلق بقضايا أمن الدولة، والإرهاب والعضوية في الحركات الإسلامية، أو بالنسبة لمساندي استقلال الصحراء عن المغرب؛ حيث رُصدت ممارسة نمطية للتعذيب والمعاملة القاسية، من طرف ضباط الشرطة خلال مرحلة الاعتقال. كما أن عددا كبيرا من الأشخاص أُرغموا على تقديم اعترافات لشدة التعذيب، وتمت إدانتهم بالسجن على أساس مثل هذه الاعترافات وكل هذا معزز بشهادات من مصالح طبية تثبت ذلك.
وبخصوص المظاهرات والعنف المفرط، المستعمل من طرف السلطات في بعض الحالات، أشار المقرر الأممي إلى "رفضه القاطع لعنف القوات العمومية في التظاهرات، سواء كانت مرخصة أو غير مرخصة"، ومنبها إلى ضرورة "تناسب ردة فعل قوات الأمن، في حالة خروج المظاهرات عن طابعها السلمي، بما يضمن الحق في الحياة والسلامة البدنية للمحتجين ".
وأوصى المقرر الأممي الخاص بالتعذيب الحكومة المغربية على تعزيز حماية ومراقبة حقوق الإنسان عبر استدعاء آليات الأمم المتحدة الخاصة، وعبر تعزيز التزاماتها مع المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان، وعبر المزيد من تسهيل امكانيات الزيارة للمنظمات الدولية.
وأعلن المقرر الخاص أن المغرب قد التزم بالتعاطي الايجابي مع كل توصيات التقرير، وهو ما أكده المندوب الوزاري المغربي المحجوب الهيبة خلال مداخلاته بعد تقديم "خوان مانديز" ملخصا عن تقريره للمجلس.
ويأتي تقريره هذا ليبرز مدى الاختلاف الكبير بين التقارير الدولية التي تكشف الواقع السلبي في المغرب وبين تصريحات بعض المسؤولين الغربيين والتي نتساءل هل هي مجرد مجاملة حول ما يصفونه بالتطور الديمقراطي في المغرب؟...
ورغما عن كل ذلك يبقى المغرب رائدا أفريقيا وعربيا وإلى أبعد حد في انتظار أن تفتح الجارة الجزائر أبواب المخيمات على أرض "الصحراء الشرقية المغربية التي تديرها الدولة الجزائرية " ليقف العالم على أبشع الجرائم المرتكبة من قبل قادة إرهاب البوليساريو في حق أطفال ونساء وشيوخ، قادة يحلمون بدولة وهم اصطنع الصراع من حول أرضها المغربية إبان الحرب الباردة أو ما يعرف بحقبة التوازنات الكبرى في مخطط تآمري على وحدة المملكة المغربية.
علي جدو
مناضل حقوقي بدورات حقوق الإنسان للأمم المتحدة بجنيف