مشروع القانون التنظيمي للمالية وجد أخيرا طريقه للبرلمان في بداية الاسبوع الحالي. وسيكون علي النواب البرلمانيين اعضاء لجنة المالية بمجلس أن يدلوا بملاحظاتهم قبل نهاية الأسبوع القادم حول المسودة.
الملاحظة الاساسية لمشروع القانون التنظيمي للمالية الذي جاء تفعيلا لنص الفصل75 من دستور 2011 الذي يقضي بتصويت البرلمان على قانون المالية طبقا الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي، وجاء لتجاوز القانون السابق الذي عمر أكثر من أربعة عشر سنة. عموما يظل القانون التنظيمي للمالية مختصا في تحديد طبيعة المعلومات والوثائق وكل المعطيات التي تكفي لمناقشة برلمانية كاملة لمشاريع قوانين المالية، بهذا الأساس فالقانون التنظيمي للمالية يشكل مرجعية قانونية تمكن من تنظيم علاقات الحكومة بالبرلمان حول جميع مراحل إعداد الميزانية.
إعداد قوانين المالية: مسودة القانون التنظيمي تضع الحكومة في الاولوية مجددا
العديد من المراقبين كانوا يأملون أن يتضمن مشروع القانون التنظيمي للمالية ضمان تجاوز الدور المهمش للبرلمان في تدبير الشأن المالي العام، وبالتالي ضعف القدرة على التأثير على الحكومة التي تستفرد بالبناء العام للميزانية العامة و السهر على تنفيذها، وهو ما كان يحتم تقسيما، بحسب هؤلاء المتتبعين تقسيما جديدا للسلطات بين الحكومة والبرلمان في إعداد قوانين المالية بوضع الحكومة للحسابات و توفير المعلومات المالية للبرلمان والمساءلة في إتخاذ القرارات.
مسودة القانون التنظيمي التي اعدتها الحكومة نص في اربعة مواد على ماهية الوثائق التي ستقدمها الحكومة للبرلمان بغية اعداد قوانين المالية. المادة 34 نصت على أن الحكومة "تقدم للبرلمان مشاريع الميزانية الخاصة بالمؤسسات والمنشآت العمومية وذلك رفقة مشروع قانون المالية للسنة، كما نصت المادة 35 من مشروع القانون، الذي حصلت "الأحداث المغربية" على نسخة منه، على أن مشاريع الميزانية الخاصة بالمؤسسات والمنشآت العمومية ترفق ببياناتها التوقعية لثلاث سنوات. كما أن مشروع قانون المالية للسنة يرفق بجدول يقدم ، بالنسبة لكل وزارة أو مؤسسة، الحد الأقصى للموارد، بما فيها الرسوم المرصدة و إعانات الدولة إن وجدت، والتكاليف، بما فيها الأداءات لفائدة الدولة إن وجدت ، المتعلقة بالمؤسسات والمنشآت العمومية التي توجد تحت وصايتها.
الترخيص البرلماني لتنفيذ الميزانيات اقره مشروع قانون المالية في تحديد الاعتمادات المفتوحة والتي ترهن المادة 38 النفقات في حدود الاعتمادات المفتوحة في الصرف والاداء
كما خول نص المسودة للبرلمان حق التتبيث والمصادقة على حالات تجاوز الاعتمادات المفتوحة برسم النفقات المنصوص عليها، كما في حالة ضرورة ملحة ذات مصلحة وطنية غيرمتوقعة، التي يؤذن فيها للحكومة في ذلك بموجب قانون المالية للسنة تطبيقا للفصل 70 من الدستور بفتح اعتمادات إضافية بمرسوم في أثناء السنة. في الخلاصة، يقول أحد المهتمين، "أن الحكومة لازالت تتمسك بكل كبيرة وصغيرة في اعداد قوانين المالية، ولا تلجأ للبرلمان إلا لحاجتها للمصادقة على اعتمادات مالية أو لفتح اعتمادات لم ترد في الميزانية، في مقابل تضع الحكومة بين ايدي البرلمانيين عددا من الوثائق المعقدة".
الحسابات الخصوصية للخزينة : الحكومة لم تنه الجدل!
سيستمر العمل بالحسابات الخصوصية للخزينة في ظل القانون التنظيمي للمالية المدعو اختصار (LOLF) دون تحديد واضح لطبيعة هذه الحسابات التي خصص لها في قانون المالية الذي أعدته حكومة عبد الإله بنكيران 42 مليار درهم. المادة ال29 من مسودة القانون التنظيمي للمالية قالت إن هذه الحسابات تبين العمليات التي لا يمكن إدراجها بطريقة ملائمة في الميزانية العامة نظرا لطابعها الخاص أو لعلاقة سببية متبادلة بين المدخول والنفقة، وإما إلى بيان عمليات مع الاحتفاظ بنوعها الخاص وضمان استمرارها من سنة مالية إلى أخرى، وإما إلى الاحتفاظ بأثر عمليات تمتد على ما يزيد على سنة دون تمييز بين السنوات المالية بحسب نفس المادة فالحسابات الخصوصية للخزينة ترتبط عملياتها المحاسبية بتطبيق تشريع أو تنظيم أو التزامات تعاقدية للدولة سابقة لإحداث الحسابات.
وبالرغم من أن المادة 31 من نص مشروع القانون حددت على سبيل الحصر أصناف الحسابات الخصوصية، إلا أن المادة ال30 رخصت في حالة الاستعجال والضرورة الملحة وغير المتوقعة أن تحدث خلال السنة المالية حسابات خصوصية جديدة للخزينة بموجب مرسوم تطبيقا لأحكام الفصل 70 من الدستور، و يتم إعلام اللجان المالية للبرلمان مسبقا بذلك، ويجب عرض هذه الحسابات الخصوصية الجديدة على البرلمان بقصد المصادقة في أقرب قانون للمالية.
حصرت المادة ال 31 من نص مشروع القانون المكون من 85 مادة الحسابات الخصوصية للخزينة في الحسابات المرصدة لأمور خصوصية التي تبين فيها المداخيل المرصدة لتمويل صنف معين من النفقات والاستعمال المخصص لهذه المداخيل. وحسابات الانخراط في الهيئات الدولية التي تبين فيها المبالغ المدفوعة والمبالغ المرجعة برسم مشاركة المغرب في الهيئات الدولية، ولا يجوز أن تدرج في هذه الحسابات إلا المبالغ المقرر إرجاعها في حالة الانسحاب، ثم حسابات التمويل التي تبين فيها المبالغ المدفوعة في شكل قروض أو تسبيقات قابلة للإرجاع تنجزها الدولة من موارد الخزينة وتمنح لأجل المصلحة العامة،إضافة لحسابات العمليات النقدية التي تبين حركات الأموال ذات الأصل النقدي