نظمت جمعية الريف لحقوق الإنسان لقاء إعلاميا، بمدينة الحسيمة، حول وضعية المهاجرين غير النظاميين المتحدرين من بلدان جنوب الصحراء بالريف، يوم الجمعية 23 غشت 2013، أطره كل من أعضاء مجلسها الإداري، محمد الخمليشي و محمد الحموشي و شكيب الخياري، و ذلك بهدف تحسيس الرأي العام المحلي بصعوبة الوضع الذي يمر منه هؤلاء المهاجرون على المستوى الوطني عموما و بالريف بوجه خاص، و دفعه إلى تقديم الدعم الإنساني لهم، حيث تمحور اللقاء حول الوضعية المعيشية لهؤلاء المهاجرين و الخروقات التي تمارس في حقهم، و كذا كيفية اقتيادهم إلى الحدود، كما تم عرض كرونولوجيا تحركاتهم على مستوى المنطقة للوصول إلى الضفة الشمالية للمتوسط .
و رصد تقرير الجمعية جميع المراحل التي يمر منها هؤلاء المهاجرون من الاقامة فوق تراب المنطقة، و توقيفهم في الغابات و إلى غاية اقتيادهم إلى الحدود من طرف الأمن، و ما يرافق ذلك من خروقات تطال حقوقهم، إلى جانب المعاناة الإنسانية التي يكابدونها أثناء تواجدهم بالغابات، خاصة في ظل ندرة الشروط الدنيا للحياة من ماء و غذاء و علاج، و من ضمن نماذج الخروقات التي تم تسليط الضوء عليها خلال هذا اللقاء، إقدام عناصر أمنية مغربية في مارس من السنة الجارية بتسلم مجموعة من المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى داخل مليلية بحرا من يد الحرس المدني الإسباني، بعد أن قام زورق العناصر الأمنية المغربية من الولوج إلى داخل المجال البحري التابع للإسبان، و قد أكدت الجمعية أنها سبق و أودعت لدى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالناظور طلبا بفتح التحقيق في ذات الموضوع مرفقا بشريط فيديو يصور عملية التسليم من بدايتها إلى نهايتها، كما أشارت الجمعية إلى الملاحظات الختامية للجنة الأممية الخاصة بالتعذيب و التي أكدت وجود جملة من الادعاءات المرتبطة بتدبير الدولة لهذا الملف، من قبيل اقتياد مهاجرين غير نظاميين إلى الحدود، في انتهاك للقوانين المغربية، وأن المئات منهم ربما تركوا في الصحراء بلا ماء و لا طعام، و كذا نقص المعلومات عن أماكن احتجاز المهاجرين في أماكن غير مشمولة بسلطة إدارة السجون في انتظار ترحيلهم و عن الأنظمة الخاصة باحتجازهم إلى جانب انتهاك حقوق طالبي اللجوء و الحاصلين عليه، و في ذات الصدد أشارت الجمعية لمجموعة من الحقوق الخاصة بالمهاجرين غير النظاميين من قبيل حقهم في الولوج إلى التعليم لأطفالهم بغض النظر عن وضعهم القانوني كما تنص على ذلك المواثيق و الاتفاقيات الدولية .
و في المحور الخاص بالاقتياد إلى الحدود، فقد قامت الجمعية بسرد مفصل للخروقات التي تطال إجراءاته المنصوص عليها في القانون 02-03، و خاصة ما سجلته من اقتياد لأشخاص يحميهم القانون من قبيل طالبي اللجوء، إلى جانب محاولات تم إجهاضها عاينتها الجمعية لترحيل مجموعات تضم نساء حوامل و قاصرين، كما حدث أثناء نقلهم إلى المقر السابق لخيرية بركان، ليتم احتجازهم خارج القانون، حيث أصدرت مؤخرا محكمة بركان حكمها ببطلان قرار الاحتجاز على إثر دعوى قضائية قامت برفعها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالرباط، على خلفية وجود نساء طالبات لجوء من ضمن المحتجزين، قبل أن تعمد السلطات المحلية ببركان على إخلاء سبيل الجميع منذ قرابة خمسة عشر يوما في سابقة على المستوى الوطني، و أكدت الجمعية في هذا الصدد على الفراغ التشريعي في هذا المجال خاصة عدم صدور القانون التنظيمي المتعلق بمراكز الاحتفاظ بالمهاجرين الذين تقرر إقتيادهم إلى الحدود المشار إليه في القانون 02-03، كما أكدت الجمعية على أن المهاجرون المقتادون إلى الحدود لم يستفيدوا حسب علمها من حقهم في الطعن في قرار الإقتياد و لا الاتصال بالمحامي أو بأي شخص من اختيارهم، و لو كانوا من ضمن الأشخاص المحميين بموجب المادة 29 من قانون الهجرة و هم الذين يمكن لهم أن يثبتوا أن حياتهم أو حريتهم في بلدهم الأصلي معرضتان فيه للتهديد أو أنهم معرضون فيه لمعاملات غير إنسانية أو قاسية أو مهينة.
و في المحور الأخير، قدمت الجمعية معلومات تتعلق برصدها اليومي لحركة المهاجرين المتحدرين من بلدان جنوب الصحراء بأقاليم الناظور و الدريوش و الحسيمة، و التي تخص السنة الماضية و السنة الجارية، مقدمة معطيات مؤرخة متعلقة بالفئات المشاركة في ذلك، من قبيل عدد الذكور و الإناث و القاصرين و الحوامل و الرضع، و قد سجلت في إطار رصدها وفاة 21 مهاجرة و مهاجرا سنة 2012 و 18 سنة 2013 من دون أن تقوم النيابة العامة بإقليمي الناظور و الحسيمة بإعلان نتائج التحقيقات المفتوحة لتنوير الرأي العام عن أسباب الوفاة، وأكدت الجمعية أنه سبق لها أن راسلت الجهات المسؤولة و من ضمنها الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالناظور بخصوص بعض الحالات التي حصلت بمناطق يشملها نفوذ المحكمة، لكن من دون أن تتوصل الجمعية بأي رد.
و في ختام اللقاء الإعلامي، دعت الجمعية إلى ضرورة اهتمام الجمعيات المحلية بالحسيمة بموضوع المهاجرين غير النظاميين المتحدرين من بلدان جنوب الصحراء عبر رصد أوضاعهم و الترافع من أجل تحسينها، و كذلك العمل من أجل إصدار تشريعات تضمن حقوقهم الكاملة، و صياغة برامج تحسيسية ضد العنصرية، و دعت الإعلام المحلي إلى الاشتغال على هذا الموضوع عبر زاوية إبراز معاناتهم و حقوقهم.