قد يكون الحق معك والقانون إلى جانبك ولكن طريقة طلبك للحق وتعاملك مع القانون قد يجانبها الصواب فينقلب الحق والقانون ضدك .
و قد تطلب الحق فتخطئه ويطلب خصومك أو أعداءك الباطل فيصيبونه لأنك لم تحسن التصرف ولأنهم قد يستغلون هفواتك وأخطائك .
وفي السياسة خصوصا يجب أن نكون حذرين حيث إن الفعل الراشد الحكيم يتطلب الاستناد إلى الشرعية المدعومة بالحق والقانون ولكن يتطلب أيضا أن يكون هذا الموقف مناسب ، أي يأخذ بعين الاعتبار الظروف الموضوعية المحيطة. فالقرار الراشد يساوي الشرعية والمناسبة.
هذه المقدمة أردتها تمهيدا لسؤال ظل يؤرقني كمغربي متيم بحب هذا الوطن ، مهموم بهمومه ، منحاز إلى آمال ومتمنيات شعبه في الرفاه والحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية ، أي منحاز إلى أمنه واستقراره وقلق على حاضره ومستقبله. سؤالي البسيط أريده مدخلا لحوار حضاري هادئ بيننا بعيدا عن التحيز والأحكام القبلية الجاهزة .
سؤالي هو : على افتراض ( وأقول على افتراض) أن الصحافي علي أنوزلا قد ارتكب خطأً مهنيا كبيرا - عن قصد أو غير قصد - عندما نشر رابط الشريط الإرهابي المنسوب إلى القاعدة مما يستلزم متابعته قضائيا ( الحق / القانون) فهل كان من المناسب متابعته في حالة اعتقال وبقانون الارهاب ؟ بمعنى آخر ألم يفتقد قرار متابعة علي آنوزلا، في حالة اعتقال وبقانون الإرهاب، للرشد خصوصا في ظل المساندة الداخلية والعالمية له وفي ظل التعاطف الدولي الذي حضي به بعدما ذهب الكثيرون من المهتمين والمتتبعين للشأن المغربي خصوصا الحقوقي والإعلامي إلى اعتبار اعتقال علي أنوزلا تصفية حسابات سياسية وغير سياسية معه لا غير؟ .
نعم هناك كثير من النزالات السياسية والحقوقية التي خضناها في المغرب في السنوات الأخيرة ولم تكن طريقة تدبيرها أبدا في مصلحة سمعة بلادنا ابتداءا من قضايا توبعت فيها الصحافة ( مرابط، نيني ) ومرورا من قضية بليرج و طريقة حظر حزب البديل الحضاري ثم قضية آميناتو حيضر وأگديم إيزيك ثم قضية المبعوث الأممي روس . هذه القضايا على سبيل المثال لا الحصر قدمت المغرب في صورة دولة لا تقيم لحقوق الإنسان وزن حتى أصبح سيف توظيف حقوق الإنسان مسلط على رقبة المغرب خصوصا في ما يتعلق بأقاليم الصحراء المسترجعة.
إن من عزم الأمور أن نعترف أن خصومنا وأعدائنا قد استفاذوا دوما ولا يزالون من أخطائنا ويجنون ثمارها من دون مجهود وعناء . من عزم الأمور أن نستقرأ المستقبل ونستشرف اشاراته المقلقة في ما يخص الموقف الدولي من أوضاع حقوق الإنسان ببلادنا .
في ما يخص قضية اعتقال الصحفي علي أنوزلا يجب أن لا يعتورنا شك في أننا إزاء كرة ثلجية كلما تدحرجت كلما ازدادت ضخامة وازدادت خطورة على صورة بلادنا أمام المنتظم الدولي في ما يتعلق بحقوق الانسان وتأثير ذلك على موقفنا في الصحراء حيث ما تزال قوى دولية وإقليمية تسعى لمنح المينورسو في الصحراء صلاحيات في مجال مراقبة حقوق الإنسان .
بكل حب لهذه البلاد وبكل اخلاص ووفاء لها أريد أن أتوجه لملك البلاد متمنيا عليه التدخل السريع لاطلاق سراح علي أنوزلا وطي هذه الصفحة التي لن يربح من ورائها المغرب شيئا . نعم أتوجه لملك البلاد لأنه طالما تدخل لاصلاح أخطاء الحكومات والقضاء المغربي وبحكم صلاحياته الدستورية ورمزيته المعتبرة.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .
المصطفى المعتصم