لم أصدق أذني وأنا أستمع لما كان يحكيه المقرئ أبوزيد من نكت في محاضرته ، سواء في ما يتعلق ببخل تجار من منطقة معينة والمقصود بهم السوسيون أو في ما يخص اظهار هؤلاء بمظهر السذج البلداء .
هذا الكلام يتضمن أحكام قيمة بحمولة عنصرية خاطئة فيها إساءة لكل المغاربة وليس لأهل سوس فقط . وأقول حمولة عنصرية لأنها مبنية على تمثلات خاطئة واشاعات عنصرية بغيضة من عهد أيام الاستعمار وتزكت مع مطلع الاستقلال في إيطار سياسة فرق تسود حين كان الجبلي يسب الريفي والعروبي يسب السوسي والعبدي في تنابز مع الدكالي وباقي المغاربة مع أهل فاس الخ ... أحكاما عنصرية نتنة لا تمث للواقع بشيئ .
إن أهل سوس أهل كرم وأيضا هم أهل دين ويميزون بشكل كبير بين الكرم كسلوك إنساني نبيل يمدحه ديننا السمح وبين التبذير كعمل من أعمال الشيطان "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" كما يذكر ذلك القرآن الكريم . نعم أهل سوس ، يميزون بين الكرم كقيمة وخلق يسمو بالإنسان وبين السفاهة في تبدير المال حيث نهانا ديننا السمح عن أن نمكن السفهاء من الأموال " (و لا تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً " .
مذهب أهل سوس وهو مذهب أهل التدين والإيمان كجملة الشعب المغربي تحدده الآية الكريمة {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} . ما تفوه به المقرئ إذن يعارض المذهب القرآني حينما يآخذ أهل سوس على التزامهم بالأخلاق الربانية وانتهائهم عن القيام بالفعل الشيطاني .
إن أهل سوس كباقي أهالي المغرب أهل كرم بالرغم من الضروف الحياتية الصعبة التي يعيشونها ، أقول هذا الكلام وأنا من خبرتهم كأخوالي وكجيراني وكأصدقائي وكمناضلين صاحبوني على طول مساري السياسي وأتحدى أبو زيد وغير أبو زيد أن يقول لي أنه وجد فيهم يوما بخلا أو شحا أو لم يحضى بكرمهم وهو الذي تردد كثيرا على سوس . فهل يستطيع أن يقول أن أبناء هذه المنطقة لم يكرموا يوما وفادته باطعامه وإيوائه وبحضورهم الكثيفي لمحاضراته؟.
الكلام الذي صدر عن أبو زيد فيه الكثير من الجاهلية أقولها له وقد قالها من هو أحسن مني لمن هو أحسن منه . قالها الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري عندما سمعه يقول لبلال الحبشي " يا ابن السوداء " قال له الرسول عليه الصلاة والسلام " أنت امرؤ فيك جاهلية" . وما أطلبه الآن منه هو أن يقوم وبدون زيادة أو نقصان بالاعتذار لأهل سوس والشعب المغربي. تماما كما سعى أبي ذر الغفاري إلى بلال رضي الله عنهما ليعتذر منه وهو يبكي ونادم على قولته.
المصطفى المعتصم