سؤالان للروائي أحمد الكبيري حول جائزة البوكر العربية
سأله: الناقد إبراهيم الحجري
ما هي المشاكل التي تقلص حظوظ المغاربة في المشاركة في البوكر؟
أعتقد أن أكبر العوائق ، حتى لا أقول المشاكل، التي قد تحول بين الرواية المغربية والمشاركة في البوكر العربية، عائقان اثنان:
العائق الأول، ويتعلق في شق منه بشروط الجائزة، بحيث أنه لا يمكن للكاتب أن يرشح عمله الروائي بنفسه، بل لابد أن يتم ذلك عن عن طريق دار النشر التي أصدرت الرواية، شريطة ألا يتجاوز عدد الروايات المرشحة من طرف هذه الأخيرة ثلاثة نصوص. وهذا في نظري إجراء يمكن اعتباره ، كاختيار مسبق لأجود ما نشرته دور النشر المتنافسة من روايات، لو فعلا كانت هنالك موضوعية ونزاهة في الاختيارات. الشيء الذي يقلص للعديد من النصوص، فرصة المشاركة في الجائزة. أذكر أنني كنت في جلسة مع كاتب مغاربي معروف، بلغ اللائحة القصيرة، ندردش حول الجائزة, حينما قال لي منتقدا شروط الجائزة:" على كل كاتب اليوم أن يبحث له عن دار نشر حتى وإن كانت ناشئة ، إن هو أراد أن يشارك في البوكر" الشيء الذي يدفع ببعض الكتاب، عن سبق إصرار وترصد، لاختيار دور نشر بعينها، لتتيح لهم إمكانية المشاركة. وطبعا هذا أمرغير مقبول. ناهيك عن إقصاء مباشر لكل كاتب ينشر أعماله على نفقته، وهي ظاهرة أضحت ملفتة في المغرب.
العائق الثاني: هو غياب شبه تام، للناشرين المغاربة، إلا بعض الاستثناءات، كفاعلين ثقافيين حقيقيين وليس كتجار ورق، في الساحة الثقافية العربية، وهذا ربما له أيضا ارتباطات وثيقة بعدة عوامل، من ضمنها السياسة الثقافية للدولة المغربية. الشيء الذي يجعلنا نسائل دور المنظومة الثقافية ككل. بما في ذلك السياسات الحكومية والمؤسسات الثقافية والجامعات والناشرين وحتى الكتاب أنفسهم.
لحد الساعة ترشح للائحة النهائية من الروائيين المغاربة للبوكر روائيون جاؤوا الى الرواية من جنس آخر كالشعر مثلا (الأشعري) أو الفلسفة والتاريخ (بن سالم حميش) أو السيناريو (فاضل) أو أسماء مغمورة في العالم العربي (غزالي- لحبيبي)... في حين أن الأسماء المجربة والمعروفة غائبة عن البوكر (الهرادي- التازي- شغموم- أنقار- بن عرفة- بنونة- المديني- برادة- مبارك ربيع- الشاوي....)... فهل تعتبر وصول مغاربة البوكر محض صدفة أم تميز بناء على هذا الأساس؟
أولا لابد أن نشير بأن جائزة البوكر العربية كأي جائزة، ما هي إلا تتويج واعتراف لنصوص معينة بالتميز والمجهود الذي بذله أصحابها في كتابتها. وهي في النهاية محصلة عمل انساني مهما تم الحرص على كماله سيظل ناقصا. وأعتقد حتى الان فإن النصوص المغربية التي حصلت على الجائزة أو بلغت اللائحة القصيرة للجائزة، بما فيها الروايات العربية الأخرى، كلها نصوص جديرة بالقراءة، لكن هل كانت هي الأفضل فيما كتب من نصوص في نفس الفترة؟ هذا سؤال، في غياب مشاركة جل النصوص وتكافؤ الفرص فيما بينها، سيظل سؤالا مشروعا. لأن الأمر يمكن تصوره على شكل مسابقة "ملكة الجمال" في منطقة معينة. تفوز واحدة ، ربما لانها كانت جريئة ولها أسرة منفتحة و لها إمكانيات مادية ، ساعدتها على الترشح و الفوز. بينما ظل، لأسباب العوز، جمال فاتن ، قابعا في الحقول يرعى الغنم أو في البيت وراء الستائر... لكن من المؤكد أن الفائزة بلقب "الملكة"،كانت على قدر كبير من الجمال.
أما بخصوص الاسماء الفائزة أن تكون آتية من الشعر أو من الظل، مكرسة أو غير مكرسة، ذلك بالنسبة لي لا يعني شيئا...الذي يهمني أولا وأخيرا، هو هل تحققت في النص الفائز ، شروط إنتاجه الإبداعية والجمالية والخطابية.
لكن الملاحظة التي أود أن أشير إليها، هو أن جل الكتاب المغاربة الذين وصلوا إلى البوكر، جلهم كانت من ورائهم دور نشر عربية، وهذا فعلا يحز في النفس. لأننا في المغرب ، وربما في جميع المجالات، لننال اعترافنا بالداخل،لابد أولا، أن نأتي باعتراف خارجي.