مؤسس "مراسلون بلا حدود": من حرية التعبير إلى إيديولوجيا اليمين المتطرف
تحول الفرنسي روبير مينار أحد مؤسسي منظمة "مراسلون بلا حدود" المدافعة عن حرية الصحافة من النقيض إلى النقيض. فبعد أن دافع لسنوات طويلة عن حرية التعبير، فاز الأحد في الانتخابات البلدية الفرنسية في مدينة بيزييه (جنوب) بدعم من "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرفة.
تثير مسيرة روبير مينار، أحد مؤسسي منظمة "مراسلون بلا حدود" المدافعة عن حرية الصحافة والتي ترأسها لمدة 23 سنة، دهشة من عرفه واستغراب المدافعين عن حقوق الإنسان، وذلك بعد انزلاق إيديولوجي يعجز المنطق عن تفسيره، خصوصا بعد فوزه الأحد ببلدية بيزييه (جنوب فرنسا) بفضل دعم "الجبهة الوطنية"، رمز اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان.
ولم ينفك روبير مينار (60 عاما) يدافع عن مواقفه باسم "حرية التعبير" أيضا، فيما اعتبر رفقاء دربه أنه خطأ لا يغفر له. ورأى فيه فرانسوا سودان رئيس تحرير مجلة "جون أفريك" أنه "خلط للمفاهيم". ففي عام 2011 كتب مينار في بيان عنوانه "يحيا [جان ماري] لوبان!" – وهو الرئيس السابق لـ"الجبهة الوطني"- أن "الدفاع عن حرية التعبير يعني حتما الدفاع عن حق اليمين المتطرف وأتباعه".
وبعد بيان "يحيا لوبان!"، حدثت القطيعة بين مينار وكل من ناضل معه من أجل الحريات. واستغرب كثيرون أن يصبح مينار مدافعا على أفكار لوبان المتطرفة – ومن بينها معاداة المهاجرين وتفضيل الوطنيين الفرنسيين، ودعم عقوبة الإعدام ومعارضة الزواج المثلي – بعد أن كان على رأس إحدى أبرز منظمات حقوق الإنسان. وكان مينار وهو من "الأقدام السود" ومواليد مدينة وهران الجزائرية، العدو اللدود لأنظمة القمع عبر العالم، وكان دائما يفتخر بمنعه دخول عدة بلدان أبرزها كوبا وتركيا والجزائر وتونس في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وكان روبير مينار لا يتردد في تحدي "الأنظمة الاستبدادية خصوصا الأفريقية، للدفاع عن الصحافيين"، كما يقول أحد مساعديه السابقين. لكنه لم يعد اليوم الرجل الذي "أيقظ وعي جيل كامل من الصحافيين الأفارقة المستقلين" كما يضيف فرانسوا سودان.
وقاد مينار على رأس "مراسلون بلا حدود" عمليات قوية نالت إعجاب مدافعي حقوق الإنسان وحرية الصحافة. ففي 2008، حاول عرقلة مراسم إشعال الشعلة الأولمبية في أثينا للتنديد بانتهاك حرية التعبير في الصين مضيفة الأولمبياد آنذاك. وسعى إلى عرقلة مسار الشعلة ذاتها في باريس، كما أنه احتج على جادة الشانزليزيه في العيد الوطني الفرنسي يوم 14 يوليو/تموز 2008 على حضور الرئيس السوري بشار الأسد في المنصة الرسمية، ما أدى إلى اعتقاله.
ولكن أحد الذين كانوا إلى جانبه في منظمة "مراسلون بلا حدود" قال إن مينار معروف بـ "السلطوية والأبوية وعدم تقبل الأفكار المخالفة".
وبالرغم من فوزه ببلدية بيزييه بدعم من اليمين المتطرف، ورغم تصريحاته لصحيفة "لوموند" في نوفمبر/كانون الثاني 2013 والتي أكد فيها أنه يدعم "80 بالمئة من أفكار اليمين المتطرف، لاسيما تلك المتعلقة بالهجرة"، إلا أن روبير مينار يذكر دائما بأنه ليس عضوا في حزب مارين لوبان وأنه سيظل رجلا حرا ومستقلا.
فرانس 24