اقترح تقرير حول منظومة المقاصة بالمغرب، أعده المجلس الأعلى للحسابات، عقلنة نظام المقاصة من خلال تحديد استراتيجية حقيقية في إطار مخطط مندمج للسياسات العمومية
وبرامج إعادة الهيكلة تندرج وفق رؤية تكرس الطابع الاجتماعي لهذه السياسات. وأوضح التقرير ، الذي قدمه أمس الإثنين الرئيس الأول للمجلس ادريس جطو خلال اجتماع مشترك للجنتي العدل والتشريع وحقوق الإنسان والمالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب ترأسه السيد كريم غلاب رئيس المجلس ، أن المحاور الكبرى لهذه الاستراتيجية ، التي يجب تطبيقها بشكل مندمج ومتناسق ، تتمثل في رفع الدعم تدريجيا عن المواد البترولية السائلة ، وتعويضه بمساعدات على الاستثمار خاصة لفائدة قطاع النقل من أجل تحديث حظيرة السيارات واقتناء السيارات ذات الاستهلاك المحدود للطاقة .
كما تشمل هذه الاستراتيجية مواكبة قرار رفع الدعم عن الفيول الصناعي المتخذ في يناير 2014 بإجراءات لدعم الاستثمار بالنسبة للصناعات التي تستعمل هذه المادة ، وذلك من أجل الحفاظ على تنافسيتها ، فضلا عن تسريع برنامج الاستثمار المعتمد من طرف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب من أجل إنتاج الطاقة الكهربائية .
وبخصوص جانب الحكامة، أبرز التقرير أنه من الملائم تطوير التفاعل الإيجابي بين مختلف الأجهزة المتدخلة في نظام المقاصة، وأوصى في هذا الإطار بإحداث لجنة لليقظة تتعلق بالمقاصة وتتألف، بالإضافة إلى صندوق المقاصة، من المكتب الوطني للحبوب والقطاني وممثلين عن الوزارات المكلفة بالطاقة والشؤون العامة والمالية والصناعة والفلاحة والنقل وممثلي الهيئات المهنية المعنية .
وتتجلى المهمة الأساسية لهذه اللجنة في تقديم الاستشارة للحكومة حول الاستراتيجيات والآليات الواجب وضعها من أجل عقلنة نظام المقاصة ، كما يتعين عليها ضمان يقظة فاعلة ودائمة على مستوى الأسواق العالمية للمواد المعنية ، والإخبار عن المخاطر المهمة المتعلقة بملاءمة وتأمين التموين برسم المواد المدعمة واقتراح الإجراءات الكفيلة بتجاوز هذه المخاطر .
وأضاف التقرير أنه يتعين على الدولة القيام بمراقبة قبلية للواردات من المواد المدعمة بشكل يمكن من تحفيز الفاعلين المعنيين للقيام بالاقتناءات خلال فترات انخفاض الأسعار الدولية ، الأمر الذي سيمكن من وضع مخطط لتحملات المقاصة في أفق متعدد السنوات .
ويتعين كذلك، وفقا للتقرير، توسيع اختصاصات صندوق المقاصة حتى لا يقتصر دوره على مجرد كونه جهازا لصرف الدعم ، بل يمتد إلى جعله ملاحظا فعليا بشأن المواد المدعمة والإسهام في اليقظة الدائمة تجاه المخاطر المالية التي يواجهها المغرب ، كما يتعين توفر الصندوق على بنك للمعلومات متطور حول الأسواق العالمية ، وعلى سلطات رقابية حقيقية وواسعة تمكنه من التوفر على حق واسع في الحصول على المعلومات لدى مموني المواد المدعمة . وفي ما يتعلق بمراقبة مخزون المواد البترولية والسكر والدقيق ، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بالاستعانة بخدمات الشركات المتخصصة ، حيث يتعين على هذه الأخيرة القيام بالمراقبة واتخاذ الإجراءات الضرورية لمساعدة الإدارة من أجل ضمان احترام النصوص المطبقة في هذا المجال ، وحقيقة الإقرارات المقدمة من طرف المتعاملين ، وذلك على أساس دفتر للتحملات محدد سلفا .
وبشأن المقترحات المتعلقة بالمنتجات البترولية ، أوصى المجلس أساسا بإعادة النظر في نظام التموين في اتجاه حرص أكبر من طرف السلطات العمومية على جعل الشركات البترولية تعمل على ترشيد اقتناءاتها ، مع ضمان التموين المنتظم للسوق ، وذلك بالرفع من قدرات الاستقبال بالموانئ والزيادة في قدرات التخزين . كما أوصى بإنهاء الدعم الحالي المخصص للفيول المستعمل من قبل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ، وتعويضه بأشكال أخرى لدعم استثمارات هذه المؤسسة العمومية في إطار عقد - برنامج مع الدولة .
أما بخصوص الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية ، فقد أوصى التقرير بشكل خاص باتخاذ تدابير مواكبة في إطار سياسة إرادية للدولة تهدف إلى تشجيع الحلول القائمة على الطاقات المتجددة ، خاصة بالنسبة للقطاع الفلاحي والمنازل والإدارات العمومية . وفي الشق المتعلق بالمواد الغذائية المدعمة ، أبرز التقرير أهمية الرفع من مستويات المردود والإنتاجية بالنسبة لمادة السكر ، وذلك على المستوى الأعلى للسلسلة المتمثل في الإنتاج الفلاحي من أجل خفض الفوارق بين تكاليف الإنتاج الداخلية والتكاليف على المستوى الدولي، وكذا مراجعة الثمن المستهدف الذي يحتسب على أساسه مبلغ الدعم الجزافي ، أخذا بعين الاعتبار تحسن المردودية الفلاحية من جهة ، وآثار استعمال قدرات الإنتاج الصناعية من جهة أخرى .
أما بالنسبة للدقيق ، فقد تم التأكيد على ضرورة خفض تكاليف الإنتاج من خلال الرفع من مردودية الفلاحين الصغار ، وتأمين التموينات من خلال القيام باقتناءات مهمة عندما تكون الأسعار منخفضة .
وللإشارة ، فقد تم إنجاز هذا التقرير بناء على رسالة من رئيس مجلس النواب مؤرخة بتاريخ 18 يوليوز 2013 ، يطلب فيها من الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات القيام بمهمة تقييم منظومة المقاصة بالمغرب ، وذلك طبقا للمادة 148 من الدستور والمادة 224 من النظام الداخلي لمجلس النواب .
وسيحدد قريبا موعد لعقد جلسة أخرى بغرض حصول النواب على مزيد من الإيضاحات من الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات ، وذلك بغرض استغلالها في عملية مراقبة الحكومة بخصوص الجانب المتعلق بإصلاح منظومة المقاصة.