بعد سبات عميق يشبه كمون دب البراري ، استيقظ صلاح الويع عبر وخزة ضمير متأخرة. فقد أصدر المكتب التنفيذي لحركة ضمير التي غادرها جل من أسسوها بيانا، تحدث فيه عما اعتبرها مظاهر ردة حقوقية وحضارية يعيشها المغرب، في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية.
ردة العدالة و التنمية تشبه ردة الوديع مند زمن غير بعيد ، فهو في المنزلة بين المنزليتين ، لا بالمستقيل و لا بالعضو البارز في الأصالة و المعاصرة. صلاح الوديع و ضميره الظاهر و المستتر لم يجد سوى بلاغ "الردة" ليعود للواجهة و يتعلم الحسانة في روس العدالة و التنمية التي لن تسكت عن وخزة الوديع.
الوديع الذي تخلى عن عدد من معتقدات الماضي الثورجية و قلب المعطف لم يتنكر لشيء واحد لازم قدماء اليسار الجذري و هو لغة الخشب التي تفنن فيها.
النص الكامل لما تصفه حركة ضمير بالردة
يشهد العالم العربي والإسلامي اجتياحا أصوليا ببعديه التنظيمي والقيمي. وقد انعكس هذا الاجتياح سلبيا على الحقوق والحريات الفردية والجماعية التي تشهد تراجعا خطيرا. وزاد من حدة هذه التراجعات عوامل عديدة أبرزها : 1 - التنافس الحاد بين الأنظمة السياسية والتنظيمات الإسلاموية في التوظيف السياسوي للدين ومزايدة كل طرف على الآخر في فرض أنماط محددة من التدين، سلوكا وفهما ومعاملة، 2 - تشرذم مكونات تيارات التحديث والدمقرطة بسبب الصراعات الداخلية، 3 - ضعف مكونات المجتمع المدني تنظيميا، مما يؤثر على مستوى تأطير المجتمع وإكسابه وعيا ومناعة لمقاومة الاختراق الأصولي، 4 - التضييق الممنهج على أنشطة الهيئات الحقوقية والمدنية (رفض الترخيص لجمعية "الحرية الآن"...).
وكان حتميا أن تشهد المنطقة العربية/الإسلامية أحكاما قضائية تعكس روح الأصولية وعقائدها المتشددة: ومثال ذلك الحكمُ على السودانية مريم يحيى بالإعدام شنقا بتهمة الردة، وقبلها الحكم بجلد الصحفية لبنى أحمد الحسين لارتدائها سروال الجينز، والحكم برجم نساء إيرانيات بتهمة الزنا: قضية السيدة اشتياني التي حركت العالم...، فضلا عن المطالبة بتطبيق الحدود وأحكام الشريعة في بلدان ما بات يعرف بالربيع العربي: مصر وليبيا وتونس. هذا دون أن ننسى واقعة اختطاف عشرات الفتيات من أجل إخضاعهن للعقليات والممارسات القروسطوية ل"بوكو حرام".
ولم يشذ المغرب عن هذا المد الأصولي رغم خصوصية المغرب السياسية والدستورية. إذ مباشرة بعد تنصيب حكومة حزب العدالة والتنمية، طفت ممارسات بخلفية أصولية مثل تهجير نساء عين اللوح بالمئات، والاعتداء على الفتيات والنساء في الشارع العام في عدد من المدن (ظاهرة مول البيكالة في تيزنيت)، فضلا عن سعي الحكومة لفرض دفاتر التحملات على القطب الإعلامي العمومي بهدف "أسلمته" وتمرير قيم الأصولية الإخوانية ونمط تدينها إلى كل فئات المجتمع ضمن إستراتيجية أخونة الدولة والمجتمع. وظلت حكومة العدالة والتنمية تتردد في تعديل القانون الجنائي في فصوله المتعلقة بالاغتصاب، وترفض تجريم التحرش بالنساء، كما تناهض منع زواج القاصرات. وقد تمكنت الأصولية الإسلاموية من اختراق الأجهزة الأمنية عبر تشكيل ما بات يعرف بـ"شرطيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، الأمر الذي ترتب عنه اعتداء على الحريات الفردية وخروقات قانونية (اعتقالات تعسفية بتهمة الفساد أو التشجيع عليه...) فضلا عن تحيين مذكرة أمنية تمنع النساء من المبيت في فنادق مدن إقامتهن دون الرجال، مما عُدّ تمييزا ضد النساء وخرقا للدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. واتسعت دائرة الاعتداء على الحقوق والحريات لتشمل المعتصمين والمتظاهرين حيث تمت محاكمة نشطاء حركة 20 فبراير و6 أبريل ، فضلا عن الإجهاز على الحقوق المادية والاجتماعية لعموم الشعب المغربي .
أمام هذه الردة الحقوقية والحضارية التي تشهدها الدول العربية والإسلامية، فإن المكتب التنفيذي لحركة "ضمير" ينبه الضمائر الحية والقوى الفاعلة إيجابيا في المجتمع إلى ضرورة استحضار المرحلة الدقيقة التي تمر منها مجتمعاتنا وجسامة المسئولية الملقاة على عاتقها في سبيل الدفاع عن القيم النبيلة وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا، وذلك بالتصدي لمخططات أخونة الدولة والمجتمع وإشاعة ثقافة الغلو والكراهية التي تنهجها التنظيمات الإسلاموية على اختلاف تمذهباتها. كما يشجب المكتب التنفيذي المستوى المنحط الذي آلت إليه لغة وتعابير عدد من الوزراء داخل قبة البرلمان وخارجها، مما يعكس الإسفاف السياسي الذي يميز حكومة إسلاميي المغرب .