وصف الدكتور حسن عبيابة، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، الحكومة الحالية بـ"الحكومة العرفية ما دام يغيب فيها الانسجام لكون كل وزير يشتغل وحدة بشكل انفرداي، وهذا ما يجعل الشباب يفقد الثقة في الأحزاب السياسية"، جاء ذلك في ندوة وطنية، نظمها أول أمس الخميس المرصد الوطني لحقوق الناخب، وجمعية العلوم السياسية، بكلية الحقوق أكدال بالرباط.
وقال عبيابة "عندما يأتي رئيس الحكومة ويقول هناك حزبان، حزب الفساد وحزب الإصلاح، فهذا خطاب سياسي خطير، فنحن نعيش خوصصة المشهد السياسي، فرئيس الحكومة يريد أن يقصي الأحزاب بمثل هذا التصريحات غير المسؤولة"، معتبرا في الوقت ذاتها أن الحزب الذي يقول إنه يمثل الشعب، فهو ينتحل الصفة، "لأنه لا تتوفر فيه شروط ذلك وهي الحصول على نسة 50 في المائة من أصوات الناخبين الذين ينبغي أن تصل نسبة مشاركتهم في الانتخابات إلى 50 في المائة، وهذا ما لم يحصل خلال الانتخابات السابقة.
ومن جهة أخرى، أبرز الدكتور عبيابة، أنه بالرغم من تطور القوانين المغربية ، فإن الأعراف بدورها تتطور وتترسخ، مقدما مثالا على ما يجري في الانتخابات، التي لها أعرافها الخاصة بها، إذ أن من شروط الترشح " أن يكون المرشح من الأعيان أو صاحب أموال حتى يدعم حملته ماديا"، فـ600 مراقب في دائرة انتخابية، ويكلف المرشح حوالي 500 درهم عن كل مراقب، ما يعني أن المرشح يلزمه تعبئة مالية كبيرة، فعلى الرغم من أن القانون لا يسمح بتجاوز سقف 30 مليون سنتيم في الحملة الانتخابية، غير أن العرف يسمح بذلك، لتغطية هذه التكاليف، التي تتجاوز بكثير ما هو قانوني."
ومن بين الشروط العرفية، أيضا، يقول عبيابة، أن يكون المرشح "قريب من السلطة أو غير مزعج لها، فضلا عن أن يكون قادرا على إطعام الناس في أي وقت، وأن يصلي في المساجد، خاصة خلال يوم الجمعة."
وفي ما يتعلق بالترشيحات، فقد أوضح عضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري أن من مظاهر المدونة العرفية للانتخابات، أيضا أن يكون الترشيح فقط لإضعاف الخصم، من طرف مرشحين آخرين كبار، كما أن "هناك مرشحين ليسوا باسم الحزب بل باسم الرمز الذي يعرف به الحزب"، مشيرا إلى أن بعض المشرحين و لكي لا تختلط عليه الرموز يختار رموزا معروفة، يضيف عبيابة، الذي يؤكد أيضا أنه من بين الأعراف السائدة في الانتخابات هو أن مرشحون لا يعرفون الأحزاب السياسية، وهو ما يبين أن هناك مظاهر اجتماعية وسوسيوانتخابية يجب دراستها وحسن التعامل معها، علاوة على أن القانون يحدد بداية الحملة في 15 يوم قبل يوم الاقتراع، بينما واقعيا وعرفيا تنطلق قبل سنة وتتنوع من حملة "نقدية" لأخرى "خدماتية" بغض النظر عن هوية الحزب.
ونبه عضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري إلى ضعف التأطير السياسي وهو ما يحول دون استيعاب المواطن كافة مراحل وأبعاد العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، لاسيما في العالم القروي، محذرا في الوقت ذاته من خطورة فساد النخبة التي تكون درجتها أكثر حدة من فساد السياسي.
وأكد عبيابة أن الخطاب النخبوي في المدن لم يأتي بأصوات انتخابية، في حين هناك إقبال في البوادي، موضحا "انه بغض النظر عن الخطاب سواء كان ليبراليا أو يساريا لا يهم، لأن ساكنة المدن لا تقبل على صناديق الاقتراع، على عكس البوادي التي ينتشر فيها الخطاب الخدماتي، إلى جانب تغيير البرلماني لمهمته من برلماني للتشريع إلى برلماني متخصص في إسداء خدمات."
وشدد عبياية على أن السكوت على هذا الواقع وعدم التعامل معه هو بمثابة " هروب سياسي"، وهو "ما يتطلب من جميع الأحزاب السياسية أن تتعبأ خلال المرحلة المقبلة من أجل وضع حد لكل هذه المشاكل بغية الوصول إلى الديمقراطية التي تؤدي حتما إلى التنمية."
ومن جانب آخر أكد الدكتور حسن عبيابة أن الذي يمنح المشروعية للأحزاب هي الانتخابات، مؤكدا أن الأحزاب المغربية كلها وطنية، وحتى التي كان يطلق عليها أحزاب إدارية فهي تدخل في هذا الإطار لكونها تأسست من الداخل ولها شرعيتها، في حين هناك أحزاب استمدت قوتها وتكوينها من الخارج.
واعتبر عبيابة أن المحافظة على التمثيلية السياسية للأحزاب ضرورية ، ولو كانت صغيرة، ولا يجب إقصاء أي مكون بالرغم من الاختلاف معه، حتى يبقى المغرب محافظا على فسيفسائه الفكرية المتنوعة، مضيفا بالقول "إن الإقصاء لم يعد مطلوبا في المغرب، فنحن مع تمثيل الجميع ".
ودعا عبيابة الفاعل السياسي إلى خلق نقاش مع الفاعل الاقتصادي، لكون الديمقراطية ليست وحدها هي الحل، بل لا بد من التنمية الحقيقة.