قال محمد حقيقي المدير التنفيذي لمنتدى الكرامة لحقوق الانسان المقرب من العدالة و التنمية في بيان إلى الرأي العام الوطني يحمل عنوان "بكل وضوح، إبراء للذمة" انه مستعد لممارسة النشاط الحقوقي باعتباره معتقل سياسي سابق ومدافع عن حقوق الإنسان ، و يتحمل المسؤولية في ما أقوم به ، ومتحرر من قيود العمل الجمعوي وتجاذباته التي قد تحد من حريتي وتدفعني إلى العمل ضد إرادتي أحيانا تحت طائلة المساطر والقوانين الداخلية.
و جائت في بيان حقيقي نوع من الاشعار بعدم الموافقة على الخط الذي سار فيه منتدى الكرامة لحقوق الانسان بعد دخول مصطفى الرميد لوزارة العدل و تحمل عبد العالي حامي الدين لرئاسته.
و معلوم أن حقيق ينتمي "للحركة من أجل الأمة" و "حزب الأمة" فيما بعد، لكنه كان من مؤسسي المنتدى الذي يضم من الامة كلا من الحسين إهناش و أحمد اوباكريم. و قد تقدم الاخيران مند أشهر بتجميد عضويتهما بالمكتب التنفيذي احتجاجا على عدم إشراكهما من قبل حامي الدين في القضايا الاساسية للمنتدى الذي قيل انه أصبح حكرا على اعضاء العدالة و التنمية و هو ما يفسر بيان الدكتور محمد حقيقي.
إلى الرأي العام الوطني
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أجدني مضطر لتقديم هذا البيان، الذي سأعتمد فيه على سرد المعطيات على نحو يؤكد أن العوامل الموضوعية صنعت مني ،بكل تواضع، كائنا حقوقيا يسعى إلى أن يكون له دور في التحولات والتغيير نحو الأفضل إلى جانب آخرين ، داخل مغرب يتسع لكل أبناءه، خال من الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، وسوف أتطرق في ذلك إلى :
- مرحلة الإعتقال التي تعرضت لها في غشت سنة 1983،
- المكونات الحقوقية غير الحكومية التي ساهمت في تأسيسها بعد إطلاق سراحي ، واشتغالي في هيئة الإنصاف والمصالحة ،
- التحاقي بصفوف المعطلين من حملة الشهادات العليا ،
- الإمتداد الحقوقي على المستوى الدولي من خلال العضوية في بعض المنظمات العالمية ،
- الإنتماء السياسي ودوره في إثراء التجربة ،
- حيثيات وإعلان القرارات المتخذة.
أنا الموقع أسفله محمد حقيقي ، معتقل سياسي سابق حوكمت ضمن مجموعة ال71 بالسجن المؤبد في 31 يوليوز 1984 ، قضيت منه إحدى عشرة سنة منها ستة أشهر بدرب مولاي الشريف سيء الذكر.
بعد إطلاق سراحي في إطار المصالحة الوطنية سنة 1994 ، أيقنت أن العمل الحقوقي يمثل قوة في الدفاع وحماية الإنسان ، نظرا لتجربتي داخل اقبية السجون في التواصل مع منظمات حقوقية دولية مثل منظمة العفو الدولية التي تبنتني كمعتقل رأي ، ومنظمة أكاط وغيرها ، ساهمت إلى حد كبير في دعمنا ومساندتنا والمطالبة بإطلاق سراحنا، فيممت وجهي نحو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، بعدها نحو منظمة العفو الدولية فرع المغرب، غير أنهما تحفظتا تباعا على انضمامي إليهما.
وقد أتيحت لي فرصة المشاركة إلى جانب ثلة من المعتقلين السياسيين السابقين ضحايا الإنتهاكات الجسيمة خلال ما سمي بسنوات الرصاص في تأسيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، و ساهمت أيضا في إنشاء لجنة للمطالبة بإطلاق سراح ما تبقى من معتقلين إسلاميين، كما اشتغلت في هيئة الإنصاف والمصالحة التي طردت منها في مرحلة تتبع تنفيذ التوصيات بغير مبرر مفهوم ، فضلا عن ذلك كنت من مؤسسي منتدى الكرامة لحقوق الإنسان الذي تبوأت فيه مهمة المدير التنفيذي.
وخلال هذه الفترة ساهمت في تأسيس المنتدى المغربي للوسطية، كما أشرفت على إنشاء تنسيقية الحقيقة للدفاع عن معتقلي الرأي والعقيدة ، وتنسيقية الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين السابقين اللتين اجتمعتا تحت مسمى اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، حيث ما أزال أشغل فيها مهمة المستشار الحقوقي ، وساهمت فضلا عن ذلك في تأسيس تنسيقية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الستة من مجموعة بليرج، وتنسيقية عائلات ما تبقى من معتقلي مجموعة بليرج، كما جمعت معتقلي سجن غوانتنامو السابقين في تنسيقية للمطالبة بحقوقهم، ولم أتأخر في إنشاء تنسيقية لعائلات المعتقلين والمفقودين المغاربة بالعراق، ولجنة التضامن لقدماء المعتقلين الإسلاميين ، ناهيك عن إنشاء لجان دعم كان لي فيها دور مباشر من قبيل لجنة دعم المهندس أحمد بنصديق ولجنة المطالبة بإطلاق سراح الصحفي مصطفى الحسناوي وغيرها.
وألفت إهتمامكم أنه بعد حصولي على شهادة الدكتوراه في أبريل 2002 انضممت إلى صفوف المعطلين من حملة الشهادات العليا، التي اعتبرها مدرسة تعلمت فيها دروسا ميدانية في الإحتجاج الإجتماعي بوسائل نضال سلمية ، عززت تجربتي في الإعتقال السياسي ، الشيء الذي حفزني للقيام بدور رسالي أكون فيه شاهدا على طبيعة المرحلة التي يمر بها مجتمعنا والوطن الذي يجمعنا.
لقد اخترت النشاط الحقوقي والعمل الميداني وانخرطت بكليتي في منتدى الكرامة لحقوق الإنسان الذي أحيي بالمناسبة أعضاءه الذين أتاحوا لي الفرصة و وفروا لي الإمكانيات للقيام بالدور المسند إلي كمدير تنفيذي بموجب قرار المكتب التنفيذي ، ومنحوني ثقتهم.
وامتد حضوري الحقوقي إلى البعد الدولي من خلال عضويتي في مؤسسة الكرامة الموجودة بجنيف ، ومنظمة فرنت لاين بدبلن التي تبنتني كمدافع عن حقوق الإنسان ، وفي شهر ماي 2014 حضيت بشرف المشاركة في تأسيس الرابطة العالمية للحقوق والحريات التي يوجد مقرها القانوني بجنيف.
أما بخصوص انتمائي السياسي فقد اعتقلت بسبب انتمائي لفصيلة الجهاد التي أعلنت وفائها لمطالب شهداء انتفاضة الخبر في 20 يونيو 1981 ، وكانت تنسق حينها مع حركة الشبيبة الإسلامية ، وبعد إطلاق سراحي التحقت بهيئة تحرير جريدة النبأ، وكنت عضوا ضمن اللجنة التحضيرية لتأسيس حزب الأمة ، وقد توليت مهمة رئيس مجلسه الوطني . وإدراكا من الإخوة في الحزب بضرورة الفصل بين الحزبي والحقوقي سمحوا لي بتعليق عضويتي والتفرغ للعمل الحقوقي .
الخيار الحقوقي الذي اعتنقته جر علي الكثير من المضايقات والتعسفات في حقي ، سواء من الأبعدين أو الأقربين، غير أن التجارب السابقة علمتني الصمود والإصرار في صمت لذلك أعلن أنني لن أغادر الميدان، ولن أمتهن الريع الحقوقي في زمن الإبتذال ، وسأواصل ما بدأته بكل مسؤولية ، متماهيا في ذلك مع ذاتي ، وأنا واع بكل التحديات ، ومدرك لحساسية المرحلة التي تجتازها بلادنا ويجتازها مجتمعنا ، والتي تفرض علينا الإهتمام أكثر بواقعنا الموضوعي أكثر من الإنجرار وراء هواجس الذات ومتاهاتها ، فإما أن نصطف جميعا بكل مسؤولية ضد الفساد والإستبداد والإرهاب بكل ألوانه بحثا عن حلول وتسويات نحفظ بها سيادتنا وسلمنا الإجتماعي والسياسي ، ونمد جسور الثقة بين جميع الفضلاء ، وإما أن نهرب إلى الأمام ونضيع في متاهة نخلط فيها الأولويات، و ننزلق إلى التعاطي مع القضايا المطروحة بطريقة غير تفاعلية ولا تشاركية ، تحول إطاراتنا الجمعوية، و وطننا أحيانا إلى مساحات مفتوحة على الصراع ، والتشنج الداخلي.
وبناء على ذلك ونظرا لسابقة اعتقالي في قضية تتصل بالحق في العيش الكريم لكل المغاربة ومناهضة سوء توزيع الثروة والفساد خلال سنوات الرصاص ،
ونظرا للرصيد الحقوقي الذي أتوفر عليه وخبرتي المتواضعة في المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية ،
ونظرا لموقفي من أن المدافع عن حقوق الإنسان هو المدافع العضوي، الذي ينفتح على القضايا الحقيقية ذات الأولوية في وطنه ،
فإنني أعلن للرأي العام الوطني ما يلي :
- إلتزامي بالاضطلاع بدوري كمدافع عن حقوق الإنسان في رصد الإنتهاكات ، والدفاع عن الضحايا ، والتفاعل في ذلك مع المؤسسات الوطنية ذات العلاقة مع حقوق الإنسان ، ومع الآليات الأممية لحماية حقوق الإنسان ، بهدف تحصين الحقوق والحريات وتعزيز المكتسبات التي جاءت بها توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ، ودستور 2011،
- ممارسة النشاط الحقوقي باعتباري معتقل سياسي سابق ومدافع عن حقوق الإنسان ، أتحمل المسؤولية في ما أقوم به ، ومتحرر من قيود العمل الجمعوي وتجاذباته التي قد تحد من حريتي وتدفعني إلى العمل ضد إرادتي أحيانا تحت طائلة المساطر والقوانين الداخلية ،
- استعدادي التعاون والتنسيق مع أي كان في سبيل النهوض بواقع حقوق الإنسان ، وتعزيز الضمانات الكفيلة بحمايته من أي ردة حقوقية.