سلا: عبد الله الشرقاوي
قضت غرفة الجنايات المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب بعد زوال يوم الخميس 5 مارس 2015 بخمس سنوات حبسا في حق المسمى أحمد الشعرة، وسنتين حبسا في حق ابنه ياسين، اللذين كانا قد سافرا إلى سوريا من أجل الجهاد والإنتماء إلى تنظيمات متطرفة حسب ما نسب إليهما تمهيديا .
وخلال بداية الجلسة تقدم دفاع المتهمين الأستاذ يونس عزيزي بدفوعات شكلية همت خرق مقتضيات المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية التي تمتع المشتبه فيهم بعدد من الحقوق، وغياب حالة التلبس وعدم وجود محضر الإيقاف والحجز إبان اعتقال موكليه بمطار محمد الخامس، لكون الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قدمت تقريراً خلافا لما ينص عليه القانون، فضلا عن عدم التوصل بقرار الإحالة داخل الآجال المنصوص عليه قانونا .
وطالب الدفاع بترتيب البطلان وفق ما تنص عليه المادة 751 من قانون المسطرة الجنائية .
أما ممثل النيابة العامة، الأستاذ ميمون العمراوي، فاستهل مرافعته بقوله هل حالة التلبس هي المبرر الوحيد للاعتقال الاحتياطي؟ ومجيبا بالنفي تبعا للحالات المشار إليها في المادتين 47 و73 من قانون المسطرة الجنائية، والصلاحيات المخولة لقاضي التحقيق للأمر بالاعتقال الاحتياطي المادة 175، مبرزا أن المتهميْن متعا بجميع حقوقهما المنصوص عليها في القانون، وأن البطلان الذي تتحدث عنه المادة 751 يهم فقط الإجراء المعيب وليس كل الإجراءات، كما أن خرق المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية لم يرتب عنها المشرع المغربي البطلان من حيث القواعد العامة .
والتمس ممثل الحق العام استبعاد الدفوع الشكلية لعدم ارتكازها على أي أساس قانوني .
وتمسك الدفاع في تعقيبه بدفوعاته مؤكدا أنه لا وجود لمحضر إلقاء القبض وأن محاضر الشرطة القضائية يجب أن تنجز وفق شكليات مضبوطة المادة 289 من ق .م .ج، إضافة إلى أن المتابعة والاعتقال في إطار المحاكمة العادلة لا تكون إلا في الحالات المنصوص عليها ليس فقط في القانون وإنما دستور 2011، وكذا المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
وبعد أن ضمت المحكمة الدفوع الشكلية إلى الجوهر شرعت في الاستماع إلى المتهمين، حيث أكد أحمد الشعرة أنه كان ينتمي للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين، حيث كان يقوم بتصوير الوقفات الاحتجاجية ويعطيها للمسمى أنس الحلوي، وأنه كان قد تعرف على صاحب »شواية« بطنجة بحكم أنه كان يأكل عنده واقترح عليه السفر إلى سوريا لأنه كان على اتصال بشخص هناك .
وقال المتهم إنه سافر إلى سوريا واستقبله في بداية الأمر المسمى أبو أحمد المغربي، وذلك للدفاع عن الشعب السوري، إلا أنه وجد مشاكل ودمر حياته وأولاده، وأنه ندم عن ذلك السفر، مضيفا أن ابنه كان قد سافر قبله ووجده لدى كتيبة المهاجرين، بينما استقر هو بمضافة تنظيم النصرة، حيث كلف بالنظافة، نافيا مبايعته أمير »داعش« وعدم تدربه على السلاح، الذي سجل في اسمه دون أن يتسلمه .
كما أبدى ياسين الشعرة أمام المحكمة ندمه على السفر إلى سوريا رفقة المسمى جواد، الذي كان يبيع ويشتري معه بطنجة، حيث يبدو أن هذا الأخير قد توفي هناك، حسب ما قيل له .
وأوضح ممثل النيابة العامة في مرافعته أن المتهميْن اعترفا بما نسب إليهما بشكل متناسق ودقيق حتى في جزئيات تصريحاتهما، مشيرا الى أن أحمد الشعرة تأثر بوفاة أخيه الذي كان قد انظم الى القاعدة إثر القيام بعملية انتحارية، مما جعله يفكر في عمل جهادي، وشرع في ربط علاقات واجتماعات حرية مع سلفيين جهاديين، خاصة بمنطقة طنجة، حيث تشبع بالفكرالسلفي الجهادي، ومع بداية الحرب في سوريا التحق رفقة جهاديين سلفيين وابنته إلى سوريا، عبر تركيا ليستقر بمضافة »البيت الأحمر« التابعة لجبهة النصرة .
وأوضح الأستاذ العمراوي أن المتهم التقى هناك بمقاتلين مغاربة وبقي معهم إلى غاية ظهور »داعش« علما أن أغلب المنتمين للنصرة داعشيين، حيث بايعوا أميراً عراقيا آنذاك، إلا أنه بالنظر لتفاقم الوضع الصحي لزوجته وابنته وابنه خرج الى تركيا بمساعدة صهره المصري، إلا أنه عاد من جديد الى سوريا ليلتحق بحركة الشام التي كان يتزعمها المسمى ابراهيم بن شقرون قبل وفاته ليعود إلى المغرب رفقة ابنه عبر مطار محمد الخامس ويلقى عليهما القبض .
وطالب ممثل الحق العام إدانة المتهمين وفق العقوبات المنصوص عليها في القانون لثبوت الأفعال المنسوبة إليهما، علما أن المشرع الوطني والأمني يعاقب على السفر إلى بؤر التوتر .
أما الدفاع فاعتر أن مرافعة النيابة العامة هي تكرار لما ورد في محاضر الشرطة القضائية، وأنه لاوجود لأي قانون يعاقب على السفر الى بؤر التوتر بدليل أن وزير العدل والحريات قدم مشروعا في الموضوع مازال يناقش أمام البرلمان، خاصة أنه لاجريمة ولاعقوبة إلا بنص، وأنه لايمكن التوسع في القانون الذي يفسر لصالح المتهم .
وأبرز الأستاذ عزيزي أن موكليه اللذين سافرا الى سوريا من أجل عمل إنساني، لم يقوما بأي فعل يمس النظام العام المغربي، وعادا من تلقاء نفسيهما، مطالبا أساسا ببراءة مؤازريْه، واحتياطيا تطبيق الفصل 134 من القانون الجنائي في حقهما، واحتياطيا جدا الحكم بما قضوا في السجن .
وأبدى المتهم أحمد الشعرة في آخر كلمته ندمه، مضيفا »لو اعجبني الأمر في سوريا لبقيت هناك« .