هل تحول رجال الأمن داخل قاعات المحاكم إلى «شواش»؟
قضاة يستنجدون من يمدهم بالوثائق في غياب أعوان المحاكم
عبد الله الشرقاوي
بعد حذف سلاليم الوظائف التي كان يشغلها أعوان المحاكم على غرار موظفين آخرين أفرغت محاكم المملكة من فئة هؤلاء الأعوان الذين كانوا يرابطون بقاعات جلسات المحاكم للقيام بمهام إمداد رئاسة المحكمة بوثيقة توقعها رفقة كاتب الضبط، والوثائق المدلى بها من طرف النيابة العامة، أو الدفاع، وكذا القيام بإحضار ما يستلزم من مهام خارج هذه القاعات، كإدخال الملفات وإخراجها وإحضار ما تطلبه الهيئة القضائية من ضروريات العمل .
وقد عاينا مراراً أن الهيئات القضائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، وهي نموذج على سبيل الاستئناس، تجد صعوبة في أداء عملها بشكل طبيعي وفي ظروف عادية، رغم الوضع المزري لعدد من بنايات المحاكم، حيث يطلب كل من رئيس الجلسة والنيابة العامة من رجال الأمن مدهم بالوثائق المدلى بها من طرف أطراف الدعوى، أو منح الورقة التي يوقع عليها رئيس الجلسة وكاتب الضبط في كل ملف، بل نلاحظ أحيانا أن مستشارا من الهيئة القضائية يكاد ينهض من كرسيه لمنح الوثيقة إلى كاتب الضبط، كما أن بعض المحامين يقومون بدور هؤلاء الأعوان في غياب عناصر أمنية بمحاذاة منصة الجلسة .
إن هذه الوضعية المحرجة، التي تكون محل تعاليق ساخرة بقاعة بعض الجلسات، تحول دون أداء القضاة وباقي مساعدي العدالة عملهم في ظروف أقل من عادية، وتسائل وزارة العدل والحريات والحكومة، وتضع علامات استفهام عريضة بشأن شعارات إصلاح منظومة العدالة، التي يفترض أن يباشر كثير من إجراءاتها على أرض الواقع بشكل آني، لأنها غير مرتبطة بنصوص قانونية ولا تحتاج إلى تنظير .
أكيد أن وزارة العدل والحريات لديها علم بالموضوع، إلا أنه يبدو أنها مازالت تتفرج على هذا الواقع البئيس، الذي يعيشه قضاة المملكة ومساعدو العدالة بشكل يومي، وأضحى يطرح معه سؤال: هل عناصر الشرطة، المخول لهم السهر على الأمن داخل قاعات المحاكم، تحولوا إلى «أعوان المحاكم»، وبالتالي ما هو موقف القضاء الجالس والواقف إذا ما رفض شرطي القيام بهذه المهمة، خصوصا أن عددا منهم يقومون بها على مضض، علما أننا عاينا مرة حارس أمن خاص يقوم بهذه المهمة بإحدى قاعات المحكمة الابتدائية بالرباط، وهو موضوع آخر يحتمل أن تترتب عنه عملية نصب أو شيء من هذا القبيل إذا ما استغل الحرس هذه «المهمة» في ظل قاعة غاصة بالمتقاضين.
وهنا نود أن نسائل الجمعيات المهنية للقضاة بوجه خاص، وجمعية هيئات المحامين، وباقي مساعدي العدالة بوجه عام، عن رأيهم في سياسة الارتجال هاته، حيث كان يفترض في الحكومة إيجاد بديل لأعوان المحاكم قبل حذف سلالمهم الوظيفية .
وللإشارة فإن غرفة الجنايات المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب بذات المحكمة كانت قد استعانت بكاتب ضبط للقيام بمهمة «عون» بعد ارتدائه اللباس الرسمي خلال جلسة حضرها وفد أممي من مختلف الجنسيات لمواكبة أطوار محاكمة ملف أحمد الشعرة وابنه ياسين، وذلك يوم 5 مارس 2015، في سياق برمجتها من قبل المسؤولين بمحكمة الاستئناف بالرباط على هامش ندوة دولية نظمت بالرباط حول مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.