الموريتانيين و السياسة
الكاتب: حمودي ولد حمادي
تشهد معظم المدن الموريتانية بما في ذلك العاصمة نواكشوط,هذه الأيام ميلاد وابل من المبادرات تشارك فيها جميع الأطياف المجتمع الموريتاني,و تأتي هذه المبادرات بعد إعلان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ترشحه لمأمورية ثانية,و هذا ما جعل كل المبادرات التي تكاثرت و أخذت كل التسميات ,و أصبحت محل تنافس و ربح كل الأطر الموريتانية بما في ذلك الشباب تطالب,محمد ولد عبد العزيز بترشح لمأمورية ثانية و إلا فالشعب سيحاسبه,و تأتي هذه المبادرات بعد إعلان المعارضة مقاطعتها للانتخابات و عدم مشاركتها نهائيا في الاستحقاقات القادمة بعد فشل الحوار الذي جمع بين المعارضة و الأغلبية,ويقوم الرئيس حاليا بزيارات مفاجئة لمقاطعات البلاد للتأكد والإطلاع على حقيقة الأمر.
و تعتبر مقاطعة المعارضة للانتخابات فرصة لولد عبد العزيز للهيمنة على جماهير الأحزاب المعارضة التي بدأت تتساقط شيئا فشيئا,و إغرائها بتعيينات في الحكومة,كما أن المسار الذي تقوم عليه الانتخابات سينتهي بفوز ولد عبد العزيز و ذلك نتيجة عدم وجود طرف قوي ينافس ولد عبد العزيز على كرسي الرئاسة الذي تولى قيادته منذ 5 سنوات عن طريق انقلاب على الرئيس الموريتاني الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله.
و إذا كانت كل الجهات تطالب بترشح محمد ولد عبد العزيز لمأمورية ثانية تجسدا للديمقراطية و العدالة و المساواة و الحكم الرشيد كما يقولون,فما الذي جعلهم يخرجون ذات يوم يطالبونه بالرحيل و يرددون يسقط يسقط حكم العسكر و يوصفون حكمه بأسوء حكم في تاريخ البلاد, هل نسي الموريتانيون من هو محمد ولد عبد العزيز, و هل نسوا الظلم المعاناة القهر الجوع العطش المرض و قلة الأمن و الأمان التعليم الصحة البنية التحية الجهل الفقر التخلف,شعب بلا موقف هكذا هي جماهير السياسة في موريتانيا,تقف ضد الرئيس و تطالبه بالرحيل و تتظاهر ضده و تصف حكمه بكل صفات الفشل ثم في الأخير تطالبه بترشح.
لا يلتقي المواطن الموريتاني أي اهتمام كما أنه ليس من أسياسات الدولة في موريتانيا يعيش كأنه غريب يبيع كل ما يملك ليقضي ليلته,ثم يصبح ليبحث عن ما يبعه ولو كلفه ذلك بيع عرضه و عائلته و كل ما يملك لأجل أن يبقى في حسابه من المال ما يلهو و يلعب به,وهذا ما يحدث غالبا مع رجال السياسة و جمهورها في موريتانيا يقف أحدهم ضدك ألف سنة يهاجمك أنواع التهجم مستخدما في ذلك أنواع الشتم و القذف ثم يعود إليك منحني الرأس طالبا العفو و هذا ما نعني به الفقر و هذا هو العطش للمال الذي لا يزول,فعلى ماذا يبني الموريتانيين السياسية طبعا ليست المبادئ و للمواقف و للوطنية.
شهدت الأيام الأخير لحكم محمد ولد عبد العزيز تظاهرات و اعتصامات كادت تعصف بحكم ولد عبد العزيز و شعبيته,و كل ما يحول بقصر الرمادي,و تعددت هذه التظاهرات منها من تطالب بالإعدام المسيء لخير البرية و منها من تطالب بتطبيق الشريعة و منها من تطالب بمعاقبة و شنق من قاموا بتدنيس القرآن الكريم و حرق الكتب المالكية,و منها من تطالب أيضا بمعاقبة من تهجموا و ضربوا العلماء,و هي أخطر إعتصامات سبق و أن شهدتها البلاد كما أن مثل هذه الحوادث لم تسبق أن شهدتها البلاد.
لكن المبادرات الأخيرة التي عمت أرجاء البلاد توضح عكس ذلك,و لم يعرف بعد أسباب الرئيسية وراء هذا الكم الهائل من مبادرات المطالبة بترشح ولد عبد العزيز الذي كان في الأمس يكن له الشعب كل الحقد و النقد و يطالبه بالرحيل,ماذا فعل محمد ولد عبد العزيز لشعب الموريتاني ليغير من نظرته الحقودية له,و كيف تمكن ولد عبد العزيز من إسكات الشباب,هل قام ولد عبد العزيز بتوزيع المال و المنصب على المواطنين بدون أن نعلم أم أن الشعب تراجع كليا عن كل متطلباته الغير القانونية و التي قد تحول البلاد إلى جحيم أم أن ولد عبد العزيز أكتسب تجربة من خلال الربيع العربي.
و إذا كان المال العام سيتم نفقته على الحملة الرئاسية,فلا يجوز منع أي مترشح من الترشح لان المال العام حق الجميع و متساوين فيه,و من حق المعارضة المشاركة في الحملة,و أخذ نصيبها من الخزينة العامة,وهل بإمكان إقامة حملة رئاسية لا تشارك فيها جميع الأطياف السياسية.
من سيمنع محمد ولد عبد العزيز من أخذ المنصب الرئاسي و كسب الرهان مرة أخرى إذا كانت المعارضة مصرة على عدم المشاركة في الانتخابات؟ و كل الطرق التزوير و الرشوة و الخدع مفتوحة أمام الرئيس مع إنه لن يحتاج لذلك لان منافسيه ليس قويا لدرجة ولد عبد العزيز و من سيهزم رئيس الفقراء إذا كان إخوان المسلمين لا يفكرون في المشاركة في الاستحقاقات القادمة؟.
و لا نستغرب إذا قام الإعلاميين الموريتانيين بتنظيم مبادرة لدعم ولد عبد العزيز و مطالبته بالترشح,لأن الموازين تغيرت و قد سبق أن شاهدنا تظاهرات عديدة لحركات فبراير كان القائمون عليها يطالبون برحيل النظام و إسقاطه و في الأخير هي من أشرفت على تنظيم لقاء الشباب مع الرئيس و هي من تعكف حاليا على تنظيم المجلس الأعلى للشباب و هي من ستتولى القيام بالحملة الرئاسية لولد عبد العزيز و قد تم تعيين أشخاصا منهم لا مستحيل في أرض لا مواقف لأهلها.
و من حظ ولد عبد العزيز توليه حكم شعب ضعيف الذاكرة, تسيطر عليه القبيلة و الوساطة و المال و الجاه و المنصب,ولولا ذلك لكان حكم و نظام ولد عبد العزيز كأحكام ملوك العرب الذين هيمنوا على السلطة,خمسة سنوات من الظلم و التهميش و لامبالاة و الجهل و الفقر و الجريمة و الخطف و الاغتصاب و السرقة و تدهور الأمني و تهديد و قتل,و بيع و شراء لكافة المؤثرات و فساد و مع كل هذا يتجدد عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع ظهور مبادرات تطالبه بترشح و من يعلم قد تتراجع عن ذلك, حظا موفقا لولد عبد العزيز و لكل من يشارك في الانتخابات الرئاسية لعام 2014.
و تعتبر السياسة حدث عظيم لدى الموريتانيين حيث تهدر فيها أموال باهظة على الرقص و الغناء و ندوات و شراء و بيع لبطاقات الناخب, هذا و تبقى السياسة مهنة يمارسها كل من دب و هب و هي طريقة سهلة و مربحة لجمع المال و المنصب, و هذا هو سر في توجه كافة أطياف المجتمع الموريتاني إلى السياسة و الانتماءات الحزبية و الفكرية.
و نذكر المترشحين و الحكومة أن الداخل يتضرع جوعا و عطشا قبل الدخول في معركة الفوز بالكرسي الرئاسي.
حمودي ولد حمادي " كاتب موريتاني "