قالت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة =الحق في الحياة بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية أن واقع الصحة النفسية والعقلية بالمغرب والذي لايختلف عن الواقع الصحي في عموميته من حيث هشاشة وضعف الخدمات الصحية وغلاء الأدوية وعدم استجابتها للحد الأدنى من المعايير المتفق عليها دوليا.
و قالت الشبكة في تقرير مطول له أن المرض النفسي والعقلي يحظى بعناية اقل من جميع الأمراض الأخرى كمرض السرطان والقلب ومرض فقدان المناعة المكتسبة وبالتالي وجب أن يحظى بنفس العناية الصحية ولا توجد عناية حقيقية في السياسات الصحية إلى حين يحل اليوم العالمي للصحة النفسية لتلتفت وزارة الصحة أن تمكنت من ذلك بإلقاء بعض التصريحات والكلمات بالمناسبة ولكن الوضع يبقى على ما هو عليه ووزارة الصحة لا تصرف حتى نسبة 01 في المائة من ميزانيتها لصالح الأمراض النفسية ويضطر المرضى وأسرهم لشراء أدوية غالية ومكلفة رغم تزايد عدد المرضى النفسانيين والعقليين ويشكلون نسبة 20 في المائة هامة من المجتمع المغربي بسبب عوامل الفقر والعوامل الاجتماعية والأسرية والزوجية كما يتم التعامل مع المرضى بمعاملات أحيانا قاسيا لمجرد رفضها التواصل وأيضا تعرض بعض المريضات للاستغلال الجنسي في المستشفيات أو خارجها.
واقع الصحة النفسية والعقلية بالمغرب لاينفصل عن هذه الاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية في عموم القطاعات الاجتماعية ، ولعل أكبر شهادة على هذا الواقع المتردي هو التقرير الصادم الصادر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان رغم محدودية تشخيصه للوضع المؤلم الذي يعاني منه عشرات الآلاف من المرضى النفسانيين والعقليين ببلادنا سواء أولائك الدين حالفهم الحظ في ولوج المستشفيات العمومية أو المراكز المتخصصة بالقطاع الخاص في الأمراض النفسية والعقلية او أولائك الدين يعيشون منعزلين في بيوتهم او يتسكعون في شوارع المدن والبوادي وأسواقها او تلك الفئة التي حملتها أسرها للمزارات الشعبية ولأولياء والدجالين لتشخيص الداء و البحث عن العلاج الشعبي والخرافي نظرا لعدم قدرتها على اداء تكلفة العلاج او صعوبات ولوج المستشفى العمومي المتخصص أو لصعوبة متابعة العلاج الطبي بسبب غلاء الأدوية ناهيك عن فئة لايستهان بعددها التي يتم تحويل وجهتها الى المراكز الاجتماعية الشهيرة من طرف دوريات الأمن سواء بتيط مليل أو عين عتيق أو غيرها من المراكز الاجتماعية القليلة المتواجدة بالمغرب وهي بمثابة سجون حقيقية للمتسولين والفقراء المسنين .
ان مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية بالمغرب بحسب العاملين فيها لاتتوفر فيها من أطباء وممرضين أدنى الشروط الإنسانية لاستشفاء والعلاج ، فضلا عن النقص الحاد في بنيات الاستقبال من مراكز صحية وقائية أو أجنحة خاصة بالمستشفيات العمومية بل حتى بعض التجهيزات المتوفرة متقادمة أو معطلة أو غير ملائمة وكشف نفس التقرير أن عدد الأسرة لا يتجاوز 1725 سريرا في 27 مؤسسة صحية لعلاج الأمراض العقلية، علاوة على النقص الفظيع في الموارد البشرية المتخصصة والتي لا تتجاوز حاليا 172 طبيبا نفسيا و740 ممرضا اختصاصيا في الطب النفسي بالقطاع العام مقابل 131 طبيبا في القطاع الخاص. وهو عدد بعيد عن الاستجابة للمعايير العالمية في هذا المجال. ويتمركز 54 في المائة من هؤلاء الأطباء والممرضين في محور الدار البيضاء والرباط و طنجة.
واعتبرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة الحق في الحياة أن مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية بالمغرب كغيرها من المستشفيات العمومية وصلت إلى وضعية كارثية ولم تعد صالحة لتقديم خدمات صحية وعلاجية في ظروف وشروط إنسانية للمرضى وتضمن سلامتهم. ويعزى هذا التردي والاختلالات والنواقص إلى ضعف الميزانية وضعف الحكامة وتبذير للأموال العمومية بحكم أن أغلب المستشفيات يدبرون من طرف أطباء لا علاقة لهم بالتدبير الإداري والمالي للمؤسسات فعوض ان يكونوا بجانب المرضى وعلاجهم يحشرون في مهام لاعلاقة لهم بتكوينهم مما يؤدي إلى اختلالات مالية وإدارية والى تراجع جودة الخدمات الصحية والعلاجات المقدمة للمرضى وبالتالي فقدان الأمن الصحي في المؤسسات الاستشفائية والعلاجية للصحة النفسية والعقلية إلى درجة تشبيهها بالسجون من طرف وزير الصحة الحالي .
اختلالات كبرى تشكو منها منظومة الطب النفسي والعقلي ببلادنا وتكتوي بنارها شريحة واسعة من المواطنين (النساء - الأطفال - المسنون والمدمنون) وهي أكثر المجموعات معرضة للخطر فضلا عن غياب العدالة في مجال الولوج للعلاج في الطب النفسي والعقلي وضعف التكفل والحماية الاجتماعية والصحية وهدر لحقوق أساسية للمواطن المصاب بأمراض نفسية وعقلية، فضلا عن تخلي وزارة الصحة عن دعم وتقوية البرامج الوقائية والعلاج بالمراكز الصحية القريبة من السكان علاوة على ندرة المؤسسات الصحية الوقائية وفراغ في القانون في حماية حقوق المريض النفسي وحقه في المساهمة في علاجه وحقه وأسرته في المعلومة وضعف مساهمة للقطاع الخاص كما يظل المجتمع المدني في مراحله الجنينية رغم كونه واعد.
ان الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة من خلال ميزانية وزارة الصحة تتحمل الأسر وعائلات المرضى ازيد من 56 في المائة من تكاليفها وتتحمل نفقات العلاج لرعاية مريضها النفسي والعقلي بالرغم مما لذلك من أثار سلبية على وضعيتهم وقدراتهم الشرائية بسبب غلاء الدواء.وضعية تؤدي في أغلب الأحيان بعدد من الأسر عاجزة عن متابعة العلاج أمام غلاء وصفة الدواء وقد يتوقف المريض عن العلاج نظرا لكون الأسر الفقيرة لا تستطيع تأمين هذه التكاليف والمبالغ الباهظة التي يتطلبها العلاج خاصة بالنسبة للمرضى المزمنين الدين يتعاطون للأدوية الحديثة وبالذات الحقن طويلة المفعول والتي يستعملها المريض وبجرعات عالية/
بالفعل فالخدمات التي تقدمها المستشفيات المغربية للمرضى النفسانيين ضعيفة الجدوى وفي اغلب الأحيان يضطر المرضى لشراء الدواء من جيوبهم مما يزيد في كلفة علاجهم وخاصة بالنسبة للأسر الفقيرة وذات دخل محدود. لدا نجد أن الأمراض التفسية اكثر انتشارا لدى الطبقات الفقيرة لعدم قدرة الأسر على علاج مرضاهم و يلجؤون بالتالي إلى الاستدانة والقروض
هذه الصورة الواقعية والقاتمة للصحة النفسية والعقلية ببلادنا تجد ترجمتها في السياسة الصحية المتخلفة المتبعة منذ عقود من طرف الحكومة وزارة الصحة كانت شعاراتها على خلاف شعاراتها الموسمية والظرفية كما يمكننا أن نقر ودون تردد ان [الغلاء الفاحش في ثمن الأدوية خصوصا أدوية الجيل الثالث تفوق ثلاث مرات ثمنه في البلدان المصنعة والعربية ذات نفس المستوى الاقتصادي وأصبحت بالتالي مجالا للمتاجرة في الصحة النفسية والعقلية للمواطنين مما يجعل نسبة كبيرة منهم إلى توقيف العلاج لعدم قدرته على شرائه مع الأخذ عين الاعتبار أن جل الأمراض النفسية والعقلية هي أمراض مزمنة وتتطلب تتبعا دوائيا منتظما وفي أحيان كثيرة على مدى الحياة، إضافة إلى أن نسبة كبيرة من المرضى على غرار المواطنين المغاربة لايتمتعون بأي نظام للتغطية الصحية، وتفعيل نظام الراميد RAMED لايزال يعرف غموضا كبيرا ولبسا وتعطيلا في التطبيق رغم الخرجات الإعلامية لوزارة الصحة والتي لاعلاقة لها بالواقع، مما يرفع من كلفة العلاج ويجعله في غالب الأحيان مستحيلا، إضافة إلى كل هذا، ونحن داخل الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة الحق في الحياة أمام هذه البنيات التحتية ذات الطابع السجني والتي لا تحترم حقوق الانسان والتزامات الدولة المغربية في هذا المجال، وأمام التكلفة العلاجية الباهضة والتي تقف ضد ولوجية سهلة للاستشفاء، نضيف أن السياسة العلاجية المتبعة في هذا الصدد هي سياسة عرجاء وتقف على رجل واحدة بحيث أن خصوصية المرض النفسي والعقلي تتطلب علاجا دوائيا ونفسيا واجتماعيا من أجل ضمان استقرار الحالة النفسية للمريض، في حين لانجد إلا العلاج الدوائي ذو الطابع العرضاني، أما إعادة إدماج المريض في محيطه الاجتماعي وتتبع حالته النفسية من طرف أخصائيين نفسانيين فذلك لايوجد إلا غي الدول المتقدمة التي تحترم الانسان وتحترم حقوقه العلاجية والصحية. وحسب المنظمة العالمية للصحة فالفقر يعتبر من الأسباب الرئيسية والمسؤول الأول عن الأمراض النفسية والعقلية كما يعاني المرضى النفسيين والعقليين ببلادنا من الإهمال وعدم اهتمام وزارة الصحة والجماعات المحلية برعاية صحتهم من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية ويجدون صعوبة في ولوج المستشفيات القريبة من مدنهم وسكناهم
ان اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل سنة يوم عالمي تذكر فيه المنظمة العالمية للصحة وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بهذه الفئة المظلومة والمهمش من قبل الحكومة والمجتمع على حد سواء فمن اجل تجاوز هذه الوضعية والنهوض بهذا القطاع وجعله يستجيب ولو في الحدود الدنيا للمعايير الانسانية نجد أن الإجراءات الاستعجالية التي على المسؤولين في القطاع اتخاذها التالي :
ووضع سياسة اجتماعية واقتصادية وتربوية تقي من الإصابة بالأمراض النفسية
ووضع سياسة شاملة ومتكاملة للصحة العقلية تنخرط جميع مكونات المجتمع والفاعلين والمعنيين والمهتمين في وضع خطوطها العريضة ورسم معالمها. وفق مقتضيات دستور منظمة الصحة العالمية و«مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية» و«القواعد الموحَّدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعاقين»
- تغيير قانون 30 أبريل 1959 الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المرضى المصابين بها بشكل جذري ووفق مقاربة تشاركية واسعة،
- سن نظام أساسي خاص بالممرضات والممرضين المختصين في الأمراض العقلية وتحسين ظروف عملهم وتحفيزهم ،
- أنسنة الخدمات العلاجية بما يضمن الكرامة الإنسانية للمرضى وحقوقهم الأساسية من خلال :
- توفير بنيات مستقبله في المستوى المطلوب
- سد الخصاص المريع في الموارد البشرية
- تبني سياسة علاجية متعددة الأبعاد
- إعادة النظر الجذرية في الأثمنة المهولة للدواء خصوصا الجيل الثالث
- المجانية الكاملة للمرضى المصابين بإمراض نفسية وعقلية
- ضمان المساواة في العلاج ما بين جميع المواطنين وتحقيق التوازن الكمي والنوعي وعلى جميع المستويات ما بين الجهات
- اعتبار إشكالية الصحة العقلية والنفسية إشكالية حكومية عامة بمعنى إقحام كل القطاعات الوزارية على الساهمة كل حسب اختصاصه (التعليم – العدل- الصحة- الاتصال – الداخلية ....) في الحد من تفشي المرض النفسي
- تشجيع مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني العاملة في هدا المجال والبحث عن موارد مالية لتغطية نفقات العلاج .
ولتعزيز الإدماج الاجتماعي للأشخاص المصابين بأمراض نفسية وعقلية وجب تعزيز وتقوية التواصل والتفاعل بين القطاع الصحي و القطاعات الاجتماعية من اجل المساهمة في الإدماج الفعلي للمرضى بعد شفائهم ومتابعة وضعيتهم النفسية والصحية والاجتماعية وتأمين مشاركة المرضى وعائلاتهم في عملية العلاج و حقهم في الحصول على المعلومة وضمان السر المهني من طرف الأطباء والممرضين .
- وضع نظام صحي تأمين خاص مجاني لكل المرضى المصابين بأمراض نفسية وعقلية وبعث ثقافة لمحاربة وصمة المرض في المجتمع عبر التوعية ووسائل الإعلام الوطنية